في خطوة نوعية تعزز مسار الحوكمة البيئية في المملكة، أطلق المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي منصة البرنامج الوطني للسلامة الكيميائية، التي تهدف إلى تنظيم إدارة المواد الكيميائية عبر مراقبة دورة حياتها منذ لحظة التصنيع أو الاستيراد وحتى التخلص الآمن منها.
إقرأ ايضاً:الأمن السوري يتحرك سريعًا.. كيف ضاعت كنوز دمشق الأثرية في واقعة سطو ليلية جريئة؟مشهد استثنائي يقلب الأوضاع في كامب نو: من سمح لميسي بالدخول دون إذن النادي؟
ويأتي إطلاق المنصة في إطار الجهود الوطنية لتطوير منظومة متكاملة تعنى بسلامة التعامل مع المواد الكيميائية، وضمان توافقها مع الاشتراطات المحلية والدولية، بما يسهم في حماية الإنسان والبيئة وتعزيز الاستدامة.
وأوضح المتحدث الرسمي للمركز سعد المطرفي أن المنصة الجديدة تمثل إحدى ثمار البرنامج الوطني للسلامة الكيميائية، الذي يُعد من مبادرات برنامج التحول الوطني الداعمة لمستهدفات رؤية السعودية 2030 في مجالات البيئة والصحة العامة والأمن الكيميائي.
وأشار إلى أن المنصة سجلت حتى الآن أكثر من مئة وعشرين ألف مادة كيميائية تم تصنيعها أو استيرادها داخل المملكة، وهو رقم يعكس حجم الجهود الرقابية والتنظيمية التي يبذلها المركز لضمان إدارة آمنة وفعالة لهذه المواد.
وبيّن المطرفي أن المنصة تسهم في رفع كفاءة إدارة المواد الكيميائية عبر التحول الرقمي الكامل لعمليات الرقابة، ما يعزز الشفافية ويسرّع الإجراءات التنظيمية، ويسهم في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تقليل المخاطر وتحسين كفاءة الإنتاج الصناعي.
وتتيح المنصة تتبع مسار كل مادة كيميائية بدقة، بدءًا من مرحلة النقل والتداول والتخزين وصولًا إلى التخلص السليم منها، بما يضمن تطبيق معايير الأمان والالتزام بالتشريعات البيئية الوطنية.
من جهته أوضح المدير العام للأوزون والسلامة الكيميائية بالمركز المهندس ماجد المفدى أن المنصة تمثل نقلة نوعية في حوكمة المواد الكيميائية، إذ توفر نظامًا إلكترونيًا موحدًا يربط الجهات الحكومية والمنشآت الصناعية ضمن قاعدة بيانات واحدة.
وأكد أن هذا الربط الإلكتروني يسهم في تسريع عمليات الرقابة وتبادل المعلومات بين الجهات المختصة، مما يرفع كفاءة المتابعة الميدانية ويُمكّن من اتخاذ قرارات فورية قائمة على بيانات دقيقة وتحليل متكامل للمخاطر.
وأضاف المفدى أن المنصة تتيح تصنيف وتحليل المواد الكيميائية بشكل آلي، إلى جانب توفير تقارير تقييم المخاطر في الزمن الحقيقي، ما يدعم الجهات الرقابية في اتخاذ إجراءات استباقية لحماية البيئة والصحة العامة.
وأشار إلى أن هذه المنظومة الرقمية تم تطويرها وفقًا لأفضل الممارسات العالمية، وتتماشى مع التزامات المملكة في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالسلامة الكيميائية وحماية طبقة الأوزون والتنوع البيولوجي.
وأوضح أن المركز يسعى من خلال المنصة إلى توحيد قواعد بيانات المواد الكيميائية على مستوى المملكة، لتكون مرجعًا وطنيًا موحدًا يدعم عمليات التخطيط البيئي والرقابة الصناعية.
وبيّن أن العمل جارٍ لاستكمال عمليات الربط الفني مع مختلف الجهات الحكومية ذات العلاقة، بما يضمن تكامل منظومة الرقابة وتعزيز كفاءة التواصل بين الأطراف المعنية في إدارة المواد الكيميائية.
كما تسعى المنصة إلى تمكين المنشآت الصناعية من إدارة التزاماتها البيئية بفاعلية أكبر، عبر خدمات إلكترونية تتيح تسجيل المواد والإفصاح عن خصائصها وتقييم مستوى خطورتها قبل طرحها في الأسواق.
وتعكس هذه الخطوة التزام المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي بتطبيق معايير السلامة والصحة المهنية، وضمان بيئة عمل آمنة تحمي العاملين والمجتمعات من أي مخاطر ناتجة عن التعامل مع المواد الخطرة.
ويأتي إطلاق المنصة ضمن جهود المملكة لتعزيز مكانتها الدولية في مجالات الاستدامة البيئية، والوفاء بالتزاماتها تجاه الأجندة العالمية للتنمية المستدامة وأهداف الأمم المتحدة لعام 2030.
ويرى الخبراء أن المنصة تمثل نموذجًا متقدمًا للتحول الرقمي في إدارة المخاطر الكيميائية، وتفتح المجال أمام تطوير منظومة وطنية ذكية قادرة على التنبؤ بالمخاطر والحد من آثارها قبل وقوعها.
وتؤكد هذه المبادرة أن المملكة تمضي بثقة نحو بناء بيئة آمنة وصناعة نظيفة، تستند إلى العلم والتقنية وتضع سلامة الإنسان والبيئة في مقدمة أولوياتها الوطنية.
وتبرهن المنصة الجديدة على أن رؤية السعودية 2030 ليست مجرد إطار للتنمية، بل مشروع شامل لتأسيس مستقبل مستدام قائم على الحوكمة والمسؤولية المشتركة بين الدولة والمجتمع.