شهد المتحف الوطني في دمشق، المعروف بأنه أحد أعرق الصروح الثقافية في الشرق الأوسط و"عميد المتاحف السورية"، عملية سطو مساء الاثنين، إذ اقتحم لص واجهة عرض زجاجية في الجناح الكلاسيكي للمتحف، مستهدفًا قطعًا أثرية نادرة نقلت مباشرة خلال دقائق. وأفاد مصدر من داخل المتحف بأن السارق ظل متخفيا داخل المبنى حتى حلول المساء، فيما رجحت التقديرات الأولية سرقة ستة تماثيل ذات قيمة أثرية وتاريخية من حقبة ما قبل الميلاد.
إقرأ ايضاً:وسط ترقب جماهيري واسع.. رونالدو يكشف عن موعد اعتزاله في حديث صريحمأزق جديد.. مستقبل يامال الكروي على المحك والأطباء يحذرون من انتكاسة خطيرة
تكثيف الإجراءات الأمنية والتحقيقات
تحركت السلطات السورية فور وقوع الحادثة، حيث أعلن قائد الأمن الداخلي في دمشق عن فتح تحقيق رسمي واستجواب جميع أفراد الحراسة والعاملين للوقوف على ملابسات الجريمة. كما بدأت فرق متخصصة عمليات تفتيش وتعقب داخل العاصمة وفي المرافق الأثرية المحيطة، بهدف الوصول إلى الفاعل واستعادة التماثيل المسروقة، وسط تشديد أمني غير مسبوق عند بوابات المتحف والمناطق المجاورة لمسرح الحادثة.
أهمية المتحف ومقتنياته النادرة
يُعتَبَر المتحف الوطني في دمشق نقطة إشعاع حضاري في المنطقة العربية وقبلة للباحثين والسياح، إذ يضم مجموعات أثرية نادرة من العصور الهلنستية والرومانية والبيزنطية وغيرها، كما يُطلق عليه لقب "حارس الذاكرة السورية" لما يحتويه من آثار توثق فترات تاريخية متعددة على مر العصور. ويعد الجناح الكلاسيكي المستهدف بالسرقة من أثمن أجنحة المتحف، إذ يحتضن كنوزًا لا تقدر بثمن، مما يجعل الفقد الحالي بمثابة انتكاسة للتراث الوطني السوري.
ردود فعل رسمية واستنكار ثقافي
توالت ردود الأفعال المحلية والدولية المنددة بحادثة السرقة، حيث صرحت مصادر في وزارة الداخلية السورية أن التحقيقات الجارية ستشمل إعادة مراجعة إجراءات الأمن والحماية، مع التركيز على معالجة الثغرات التي قد تكون استغلها السارق خلال تنفيذ جريمته. وعبّرت أوساط ثقافية عن قلقها العميق على مصير المقتنيات التراثية في ظل وقوع هذا الحادث، داعين إلى مساعدات دولية في حماية الممتلكات الثقافية السورية من الأخطار المتزايدة.
خلفيات تاريخية وصمود المتحف
لم تكن هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها المتحف الوطني في دمشق لمخاطر شتى، حيث سبق أن أُغلق مؤقتًا عقب اضطرابات أمنية ثم أعيد افتتاحه عام 2025 بعد فترة طويلة من الإغلاق تلت أحداث الحرب السورية. وتمثل الحادثة الأخيرة تحديًا متجددًا لجهود ترميم الهوية الثقافية السورية وتأكيد أهمية تعزيز الحماية والرقابة على الكنوز الإنسانية الفريدة.