يتجدد الحديث كل شتاء عن مشروب الزنجبيل والليمون والعسل باعتباره أحد أشهر المشروبات المنزلية التي يلجأ إليها كثيرون عند أول شعور بأعراض نزلات البرد، إذ يرى عدد من الخبراء أن هذا المزيج يجمع بين ثلاث مواد طبيعية ذات تأثيرات متنوعة على الجسم، تبدأ من تهدئة الحلق المتهيج وتخفيف السعال، وصولاً إلى دعم الجهاز المناعي في مواجهة الالتهابات الموسمية، ومع تراكم الأبحاث العلمية خلال الأعوام الأخيرة، بدأت الصورة تتضح بشكل أكبر حول كيفية عمل كل مكون من هذه المكونات داخل الجسم، ما دفع التقارير الصحية إلى تسليط الضوء على هذا المشروب بوصفه مثالاً على تلاقي الطب الشعبي بالمعرفة العلمية الحديثة.
إقرأ ايضاً:فرق جديدة تتحدى العمالقة في كأس العرب.. مصر والإمارات يتعادلانهيئة العقار تحذر .. في هذا الموعد تنتهي مهلة تقديم طلبات التسجيل العيني بمنطقة الرياض
توضح الدراسات أن الزنجبيل يحتوي مركبات فعالة تسهم في تقليل ردود الفعل الالتهابية، إلى جانب دوره في تحسين الهضم، وهو ما يساعد الجسم على الاستفادة من العناصر الغذائية بشكل أفضل خلال فترات المرض عندما تقل الشهية للطعام، كما يساهم الليمون في توفير جرعة جيدة من فيتامين سي ومضادات الأكسدة التي تعزز مناعة الجسم، وتساعد على تقليل تأثير الجذور الحرة المرتبطة بالعدوى الفيروسية، بينما يقدم العسل مزيجاً من الخصائص المضادة للبكتيريا والفيروسات مع تأثير مهدئ على الأغشية المخاطية في الحلق، ما يقلل من الشعور بالألم والجفاف المصاحب لنزلات البرد.
وعندما تُمزج هذه المكونات في مشروب واحد، تتكامل تأثيراتها لتشكل دعماً لطيفاً للجسم في مواجهة أعراض البرد الخفيفة والمتوسطة، إذ يمنح المشروب الدافئ إحساساً عاماً بالراحة، ويخفف من الاحتقان في الحلق والأنف، كما يشجع على شرب مزيد من السوائل الضرورية للحفاظ على الترطيب خلال المرض، وينصح اختصاصيو التغذية بتحضير المشروب عبر غلي شرائح الزنجبيل في الماء ثم تركها لتهدأ قليلاً قبل إضافة عصير الليمون والعسل، مع مراعاة عدم إضافة العسل إلى ماء شديد السخونة من أجل الحفاظ على إنزيماته وخواصه الطبيعية قدر الإمكان، ما يجعل طريقة التحضير جزءاً أساسياً من الاستفادة المرجوة.
ويشدد الأطباء على أهمية مراعاة الفروق الفردية عند تناول هذا المشروب، إذ يمكن للأشخاص الذين يعانون من حساسية الحموضة أو مشكلات في المعدة أن يقللوا كمية الليمون لتجنب تهيج الجهاز الهضمي، كما ينصح من يعانون من داء السكري أو يتابعون مستويات السكر في الدم بتقليل العسل أو استشارة الطبيب قبل اعتماد المشروب بشكل متكرر، إضافة إلى إمكانية تعديل الكميات بما يتناسب مع عمر الشخص وحالته الصحية العامة، ويشير الخبراء إلى أن تحضير كمية معتدلة وشربها طازجة يعد خياراً أفضل من تخزين المشروب لفترات طويلة في الثلاجة.
ورغم الصورة الإيجابية التي يرسمها كثيرون لهذا المزيج الطبيعي، تؤكد المراجع الطبية أن الاعتماد عليه وحده لمواجهة أمراض الجهاز التنفسي قد يكون مضللاً في بعض الحالات، فالمشروب لا يعدو أن يكون وسيلة مساندة تساعد على تخفيف الأعراض وتحسين الشعور العام، لكنه لا يحل محل الأدوية أو التقييم الطبي المتخصص، خاصة عند استمرار الحمى أو ظهور علامات عدوى حادة مثل ضيق التنفس أو آلام الصدر أو السعال المصحوب ببلغم ملون، وهنا تبرز أهمية الجمع بين الاستفادة من الوصفات المنزلية الآمنة وبين الالتزام بتوجيهات الأطباء، لضمان علاج متكامل يوازن بين الطب التقليدي والحديث.