ساعات العمل الطويلة تدمر الدماغ
كارثة صحية لا رجعة فيها.. كيف تسبب ضغوط العمل تغييرات مخيفة في الدماغ؟ أرقام ودلائل صادمة!
كتب بواسطة: فاتن حامد |

يشهد العالم المعاصر تصاعدًا في ثقافة العمل لساعات طويلة، إذ أصبح الإرهاق المزمن جزءًا من الحياة الوظيفية اليومية، فالدراسات العلمية الحديثة تكشف أن الإفراط في العمل لا ينعكس فقط على الشعور بالتعب بل يمتد ليطال بنية الدماغ ووظائفه الحيوية، وتثير هذه النتائج قلقًا عالميًا بشأن مستقبل القوى العاملة، لا سيما في القطاعات الصحية والتقنية التي تتزايد فيها ساعات العمل الأسبوعية بشكل ملحوظ، ويؤكد خبراء الصحة المهنية أنه لا بد من النظر إلى هذه الظاهرة باعتبارها أزمة إنسانية وصحية تتطلب حلولاً عاجلة.
إقرأ ايضاً:"مدينة الملك عبدالله الطبية" تحذر من خطأ شائع.. الطريقة الصحيحة للوقاية من الإنفلونزاالأهلي السعودي: تحرك سري ومباغت لحسم مصير قائد الدفاع.. هل ينجح النادي في إبعاد المنافس التركي عن ديميرال؟

تغييرات خطيرة في مناطق الدماغ الحيوية

خلصت دراسة منشورة حديثًا إلى أن العمل لساعات طويلة يسبب تغييرات ملموسة في مناطق الدماغ المسؤولة عن الذاكرة وحل المشكلات والانتباه، فقد أظهرت فحوص التصوير بالرنين المغناطيسي زيادة بحجم التليف في أجزاء من الفص الجبهي الأوسط والذيل الأيسر لدى العاملين لساعات مفرطة، وتتعلق هذه المناطق بالوظائف التنفيذية وتنظيم الانفعالات، وأكد الفريق البحثي من جامعة يونسي في كوريا الجنوبية أن الأشخاص الذين يعانون من إرهاق العمل باتوا أكثر عرضة لمشكلات في اتخاذ القرار وتراجع في القدرات التنظيمية والعاطفية، مما يرفع خطر الاضطرابات النفسية والمهنية.

الصحة النفسية والدماغ في دائرة الخطر

تشير البيانات إلى أن العاملين لساعات طويلة تتغير لديهم أيضًا مناطق الدماغ المرتبطة بالانتباه والتخطيط، بالإضافة إلى مناطق أخرى مسؤولة عن المعالجة العاطفية والوعي الذاتي، حيث يعاني كثير منهم من تراجع القدرة على ضبط المشاعر وفهم السياق الاجتماعي، وترتبط التغيرات الهيكلية في الدماغ بازدياد القلق والاكتئاب وفقدان القدرة على مواجهة الضغوط، ويبين الباحثون أن هذه التغيرات تمثل دليلا واضحا على تأثير الضغط المهني المزمن، وبالتالي تستوجب الأمر اهتمامًا عاجلًا من قبل المؤسسات وأرباب العمل.

مؤسسات الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر

علقت روث ويلكينسون، رئيسة السياسات في مؤسسة السلامة والصحة المهنية البريطانية، بأن العمل لساعات طويلة بات ظاهرة عالمية مسؤولة عن ثلث العبء المرضي المرتبط بالعمل، واستنادًا إلى بيانات منظمة الصحة العالمية، تبرز الحاجة لاتخاذ سياساتٍ أكثر صرامة تعالج هذه الإشكالية، وترى ويلكينسون أن ثقافة ساعات العمل الطويلة تفرض على الموظفين توقعات خفية تتجاوز العقود الرسمية، وهو ما يؤدي إلى زيادة الضغوط النفسية وربما دفع الموظفين إلى حافة الانهيار العصبي والصحي، وتوصي المؤسسات بتبني سياسات مرنة تقلل من الإفراط وتمنح الموظفين استراحة كافية لإعادة توازنهم الذهني والجسدي.

نحو بيئة عمل صحية ومتوازنة

تسعى هذه الدراسات إلى لفت أنظار أصحاب القرار نحو أهمية بناء بيئة عمل صحية تسمح بتحقيق التوازن بين متطلبات العمل واحتياجات العاملين النفسية، ويشير الباحثون إلى ضرورة تغيير ثقافة تقييم النجاح بناءً على عدد الساعات وقيمة الإنجاز، فالحلول المقترحة تشمل خفض ساعات العمل، تقديم برامج لمواجهة الإجهاد، وإعادة تقييم هيكلة الوظائف بشكل يدعم الصحة العقلية للموظف، وبينما يتصاعد القلق من تداعيات العمل المفرط، يبقى الاستثمار في رفاه وسلامة القوى العاملة الخيار الأكثر عائدًا على المدى الطويل.

الأخبار الجديدة
آخر الاخبار