أكد المحامي سيف التركي أن قضية تقسيم الوحدات السكنية المخالفة لم تعد مجرد إشكال إداري يتعلق بالبنية التحتية، بل تحولت إلى ملف قانوني وأمني واسع النطاق، ما جعلها تحت مجهر الجهات التنظيمية في المملكة.
إقرأ ايضاً:المرور يوجه إنذاراً حازماً لقائدي الشاحنات .. مخالفات بسيطة قد تتحول إلى كارثة مرورية!"الجمعية الفلكية بجدة" تحذر من تفويت فرصة مشاهدة كوكب المشتري.. وهذا هو الوقت الأنسب!
وأوضح التركي خلال حديثه في برنامج "يا هلا" على قناة روتانا خليجية أن وزارة البلديات والإسكان تمتلك آليات متعددة لرصد هذه المخالفات، مشيرًا إلى أن التطور التقني مكّنها من مراقبة الأحياء السكنية بشكل غير مسبوق.
وقد أشار إلى أن أبرز هذه الوسائل يتمثل في استخدام "كاميرات الدرونز" التي تتيح للجهات المختصة توثيق المخالفات دون الحاجة إلى البلاغات المباشرة، وهو ما يعكس التحول الرقمي في أساليب الرقابة.
ويرى مختصون أن اعتماد الطائرات المسيرة في الرصد يفتح الباب أمام تعزيز الشفافية في سوق الإسكان، حيث لم يعد بإمكان المخالفين إخفاء التعديلات أو التحايل على الأنظمة.
كما لفت التركي إلى أن الوزارة منحت فترة سماح لتصحيح الأوضاع، في خطوة تعكس مرونة الجهة المنظمة ورغبتها في منح المخالفين فرصة لتسوية أوضاعهم قبل تطبيق العقوبات.
ويعتبر هذا القرار بمثابة موازنة دقيقة بين تطبيق النظام بحزم وبين الحفاظ على استقرار الأسر الساكنة في تلك الوحدات، خاصة أن العقوبات قد تطال الملاك والمستأجرين معًا.
وبالفعل، يشير خبراء الإسكان إلى أن تقسيم الوحدات السكنية يتسبب في أزمات أعمق بكثير من مجرد الضغط على البنية التحتية، حيث يفتح الباب أمام مشاكل اجتماعية وأمنية داخل الأحياء.
وقد أوضح التركي أن هذه الممارسات تخلق بيئة سكنية غير آمنة، إذ يصعب تتبع هوية المقيمين وتزداد احتمالات استغلال العقارات في أنشطة مخالفة للقانون.
ويرى محللون أن هذه القضية ترتبط بشكل وثيق بجهود المملكة في تحسين جودة الحياة ضمن رؤية 2030، حيث يمثل السكن الآمن والمنظم ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاجتماعية.
كما يؤكد متخصصون أن معالجة الظاهرة تتطلب تعاونًا مجتمعيًا إلى جانب الدور الرقابي للوزارة، فالتبليغ عن المخالفات والتوعية بخطرها يسهمان في حماية البيئة السكنية.
ومن جانب آخر، يوضح خبراء قانونيون أن المخالف قد يواجه دعاوى قضائية من جيرانه المتضررين، وهو ما يعني أن الضرر يمتد إلى المحيط السكني بأكمله.
ويشير ذلك إلى أن الجار المتضرر أصبح يتمتع بحق قانوني واضح في مقاضاة المخالف، ما يعزز العدالة ويحد من انتشار التجاوزات العقارية.
وقد أثارت هذه التصريحات نقاشًا واسعًا حول حدود الحرية الفردية في استغلال العقار الخاص مقابل حق المجتمع في السكن الآمن والمنظم.
ويرى البعض أن حزم الوزارة في هذا الملف يعكس انتقال السعودية إلى مرحلة جديدة من الحوكمة العمرانية، حيث لم يعد مسموحًا بالتجاوزات التي تهدد النسيج الاجتماعي.
كما أن اعتماد الرقابة التقنية الحديثة ينسجم مع التحول الرقمي الذي تشهده المملكة، ويجعل من قطاع الإسكان نموذجًا لتطبيق التكنولوجيا في خدمة النظام العام.
وفي المقابل، يعتقد مختصون أن فترة السماح الممنوحة تمثل اختبارًا جادًا لمدى التزام الملاك، فهي تكشف الفارق بين من يسعى للتصحيح ومن يصر على المخالفة.
وقد شدد مراقبون على أن استمرار الظاهرة من دون ردع قد يؤدي إلى تراكم مشكلات طويلة الأمد في الأحياء، ما يستدعي حسمًا سريعًا من جميع الأطراف المعنية.
وبذلك يتضح أن وزارة البلديات والإسكان لا تركز فقط على البعد التنظيمي، بل تنظر إلى تقسيم الوحدات السكنية باعتباره قضية أمنية واجتماعية واقتصادية في آن واحد.