أكدت د. نهى بن طياش، وهي مستشارة متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، أن التأثير الفعلي للذكاء الاصطناعي على مهنة الكتابة الإبداعية ما زال محدودًا، وأن استبدال الكاتب البشري بالتقنيات المؤتمتة أمر بالغ الصعوبة.
إقرأ ايضاً:المرور يوجه إنذاراً حازماً لقائدي الشاحنات .. مخالفات بسيطة قد تتحول إلى كارثة مرورية!"الجمعية الفلكية بجدة" تحذر من تفويت فرصة مشاهدة كوكب المشتري.. وهذا هو الوقت الأنسب!
جاء ذلك خلال ظهورها في لقاء متلفز عبر قناة "الإخبارية"، حيث تناولت مستقبل صناعة المحتوى المكتوب في ظل التقدم المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي وانتشار أدوات الكتابة الرقمية.
وأوضحت د. نهى أن الكتابة ليست مجرد نقل معلومات أو توليد نصوص، بل هي عملية فكرية معقدة تتطلب حسًا إنسانيًا وقدرة على التأمل والتعبير، وهي أمور يصعب على الأنظمة الذكية محاكاتها بدقة.
ورأت أن الذكاء الاصطناعي قد يساهم في تسريع بعض جوانب الإنتاج أو التلخيص أو التحرير الأولي، لكنه لا يستطيع أن يحل محل الكاتب عندما يتعلق الأمر بصياغة فكرة أصلية تحمل عمقًا إنسانيًا.
وأكدت في حديثها أن الإبداع لا يُختزل في القدرة على توليد جمل متماسكة، بل يكمن في الروح التي تُبث في النص، وفي القدرة على لمس مشاعر القارئ ونقل وجهات نظر متباينة برؤية بشرية صادقة.
وأشارت إلى أن ثمة أسئلة جوهرية تُطرح اليوم حول مدى إمكانية اعتماد الكتب الرقمية المؤتمتة، لكنها تستبعد أن تصبح هذه الكتب بديلًا حقيقيًا للمؤلفات التي يبدعها الإنسان.
وأضافت أن الهوية الإنسانية هي ما يمنح النص المكتوب قوته وفرادته، ولهذا يصعب تصور أن تنتشر الكتب المنتَجة بالكامل عبر الخوارزميات كبديل للأعمال الأدبية والفكرية الأصيلة.
ولفتت د. نهى إلى أن هذه التحديات لا تقتصر فقط على جودة المحتوى، بل تمتد لتشمل الجوانب القانونية والأخلاقية، خصوصًا فيما يتعلق بقضايا الملكية الفكرية.
وبينت أن الذكاء الاصطناعي لا يملك وعيًا أو مسؤولية قانونية، وهو ما يثير إشكالات حقيقية عند محاولة نسب عمل فني أو كتابي إليه أو إلى النظام الذي قام بتوليده.
وترى أن هذه الإشكالات قد تعرقل اعتماد هذه التقنية في المجال الثقافي على نطاق واسع، خاصة في المجتمعات التي تقدر الإنتاج الفكري وتحفظ للمؤلف مكانته وحقوقه.
ورغم التطور الكبير في نماذج اللغة التي تستخدمها أنظمة الذكاء الاصطناعي، إلا أن د. نهى تؤكد أن هذه النماذج ما زالت تعتمد على أنماط سابقة وتفتقر للقدرة على الابتكار الحقيقي.
وأضافت أن الكتابة الإبداعية تحتاج إلى وعي بالتجربة الإنسانية وإدراك سياقاتها المتغيرة، وهو ما لا يمكن لنظام غير واعٍ أن يتقنه مهما بلغت قدراته التقنية.
وأشارت إلى أن معظم ما يُنتَج عبر الذكاء الاصطناعي يظل أقرب إلى التكرار المعاد أو التركيب الآلي للمفردات، وهو ما يجعل الناتج سطحيًا في كثير من الأحيان.
ودعت د. نهى إلى استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة لا أكثر، بحيث يكون دورها مكملًا لعملية الكتابة البشرية وليس بديلًا عنها أو تهديدًا لها.
وأكدت أهمية تنظيم هذا الاستخدام عبر أطر قانونية وأخلاقية تحمي حقوق المؤلفين وتضمن أن تبقى الصناعة الثقافية مساحة للتعبير البشري بالدرجة الأولى.
كما شددت على ضرورة التمييز بين المحتوى المؤتمت والمحتوى الإبداعي، خاصة في ظل تزايد المنصات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في إنتاج الكتب والمقالات.
واختتمت د. نهى حديثها بالقول إن الرهان على الإنسان لا يزال قائمًا، وإن الكتابة الجيدة ستظل في جوهرها عملًا إنسانيًا لا يمكن تقليده أو استنساخه بشكل آلي.