ضربة قضائية جديدة تهز شركة غوغل في الولايات المتحدة، إذ طالب ملايين المستهلكين الشركة العملاقة بدفع تعويضات ضخمة قدرها 2.36 مليار دولار بعد أن ثبت قيامها بجمع بيانات مستخدمي التطبيقات سرًا دون علمهم، وعلى الرغم من حكم هيئة المحلفين الذي ألزم غوغل مسبقًا بدفع 425 مليون دولار، يرى المدّعون أن هذا المبلغ غير كاف لمعالجة الضرر المستمر الناتج عن انتهاكات الخصوصية التي تسببت بها الشركة، ويأتي ذلك في ظل تصاعد المطالبات بإجبار غوغل على التنازل عن أرباحها غير القانونية المكتسبة بطرق مخالفة للقوانين الأمريكية المنظمة لحماية بيانات المستخدمين، حيث قرر قاضٍ فيدرالي في سان فرانسيسكو النظر في إمكانية فرض تعويضات إضافية تهدف إلى ردع الشركة عن تكرار هذه الممارسات مستقبلاً، وتؤكد غوغل من جهتها أنها ستتقدم بطلب استئناف الحكم بحجة أن البيانات المجمعة مجهولة المصدر وأن أدواتها تمنح المستخدمين سيطرة كاملة على خصوصياتهم، بينما يصر المدّعون على أن هنالك ما يزيد عن 98 مليون مستخدم و174 مليون جهاز تأثروا بهذه الانتهاكات الجسيمة في السنوات الثماني الماضية، ما يجعل القضية بالغة الأهمية بالنسبة لملايين الأمريكيين ويثير التساؤلات حول جدية إجراءات حماية الخصوصية الرقمية والممارسات الاحتكارية لشركات التقنية الكبرى، ومن الجدير بالذكر أن غوغل واجهت غرامات مالية ضخمة في أوروبا وكندا سابقًا بسبب انتهاكات مشابهة وتعديلات متلاحقة في سياسات الإفصاح عن بيانات المستخدمين دون تغيير حقيقي في آليات حماية المستخدم وشفافية جمع المعلومات.
إقرأ ايضاً:"المركز الوطني للأرصاد" يطلق "تحذيراً عاجلاً".. رياح قوية وأتربة تضرب هذه المناطق اليوم!مرحلة جديدة.. التسجيل العيني للعقار يفرض شروطًا جديدة في تنظيم سوق العقارات السعودية
جولة جديدة من المطالبات القضائية
تبدأ تفاصيل القضية بعد أن فاز مستخدمو غوغل في الولايات المتحدة خلال شهر سبتمبر الماضي بحكم قضائي بمنحهم تعويضات تبلغ قيمتها 425 مليون دولار في دعوى جماعية تتعلق بانتهاك الخصوصية، حيث ثبت أن الشركة جمعت بيانات نشاط التطبيقات لملايين المستخدمين الذين عطّلوا ميزة تتبع الحساب، واعتبر القاضي الفيدرالي المبلغ الذي يطالب به المدّعون تقديرًا متحفظًا لمكاسب غوغل غير القانونية، والتي يرى الخبراء أنها بلغت مليارات الدولارات على مدار ثماني سنوات من مخالفات الخصوصية المتكررة.
حيثيات الحكم وأهمية القضية
تستند الدعوى إلى مزاعم بقيام غوغل طوال ثماني سنوات بجمع وحفظ واستخدام بيانات مستخدمي الأجهزة المحمولة بالمخالفة لضمانات الخصوصية، وقد صدر حكم هيئة المحلفين لصالح المدّعين في اثنتين من ثلاث دعاوى، وطالبوا بداية بتعويضات تتجاوز 31 مليار دولار، بينما اعتبرت المحكمة أن سلوك الشركة كان ضارًا للغاية ودون موافقة واضحة من المستخدمين، الأمر الذي يعزز أهمية القضية من الناحية القانونية والعملية في تعزيز حماية البيانات الشخصية للمستخدمين ضد تغول شركات التقنية العملاقة.
ردود فعل غوغل وموقفها الرسمي
في المقابل، نفت غوغل ارتكاب أي مخالفات وأعلنت عزمها استئناف الحكم القضائي، مؤكدة أن البيانات التي جمعتها مجهولة المصدر وأن تطبيقات الخصوصية تمنح المستخدمين القدرة على التحكم الكامل بمعلوماتهم الشخصية، كما أشارت الشركة إلى أن المطالبات الجماعية تعتمد على عوامل فردية بينها استخدام التطبيقات وتوقعات المستخدمين، ما يجعل إصدار حكم موحد أمرًا غير عادل من وجهة نظرها، ويسلط موقف غوغل الضوء على الصراع المحتدم بين شركات التقنية وجهات حماية المستهلك في الولايات المتحدة وأوروبا على حد سواء.
التداعيات المستقبلية وانعكاساتها
رغم الحكم القضائي، لم تغير غوغل إجراءاتها المتعلقة بالإفصاح عن الخصوصية أو ممارسات جمع البيانات، ما دفع المدّعين إلى مطالبة المحكمة الفيدرالية بمصادرة أرباح الشركة غير المشروعة وردعها بشكل قطعي عن تكرار الانتهاكات، ومن المتوقع أن تكون لهذه القضية تداعيات واسعة على سياسات شركات التقنية في الولايات المتحدة والعالم، وتفتح الباب أمام المزيد من الدعاوى القضائية والمطالبات بتشديد الرقابة على أنشطة جمع البيانات الرقمية، وتعزيز مكانة المستهلك في مواجهة الشركات الكبرى.