تواصل وزارة التجارة تكثيف جهودها الرقابية في مختلف مدن المملكة، حيث أعلنت مؤخرًا عن التشهير بمقيم بنجلاديشي بعد ثبوت تورطه في قضية تستر تجاري داخل العاصمة المقدسة، وهي خطوة تعكس نهجًا صارمًا في مواجهة المخالفات التي تهدد نزاهة السوق المحلي.
إقرأ ايضاً:منصة "إكس" تطلق نظام Chat الذكي... تجربة مراسلة تفاعلية ومزايا غير مسبوقةإيجار تحسم الجدل حول الإيجارات السنوية وتكشف عن إجراء غير مسبوق يُربك المؤجرين والمستأجرين!
وقد أوضحت الوزارة أن المقيم كان يمارس نشاط التموينات لحسابه الخاص دون امتلاك رخصة استثمار أجنبي، وهي مخالفة تعد من أبرز صور التستر التي تسعى الجهات المختصة للقضاء عليها ضمن إطار منظم يدعم تنافسية الاقتصاد الوطني.
وبالفعل كشفت التحقيقات أن تعاملات المقيم المالية تجاوزت بكثير نطاق مهنته الرسمية المسجلة كعامل تحميل وتنزيل، الأمر الذي أثار الريبة ودفع الجهات المختصة إلى تتبع حركة الأموال والتحقق من مصادرها ومسارات استخدامها.
ويرى مراقبون أن تضخم التعاملات المالية مقارنة بالمهنة المعلنة يعد مؤشرًا بارزًا على وجود ممارسة تجارية غير مشروعة، خصوصًا في الأنشطة التي تتعلق بالبيع بالتجزئة حيث تنتشر حالات التستر بشكل ملحوظ بين بعض المستقدمين والعمالة الوافدة.
وقد تمكنت الفرق الرقابية من ضبط أدلة مادية مباشرة تثبت تورط المقيم، إذ تبين أنه هو من يسدد قيمة إيجار المحل ويتعامل مع الموردين ويتصرف في المنشأة كمالك فعلي، وهو ما يؤكد وجود نشاط تجاري خفي بعيدًا عن القنوات النظامية.
ويرى مختصون أن هذه الحالات تعكس تحديًا كبيرًا تواجهه الجهات الرقابية، إذ يلجأ بعض المتورطين إلى إخفاء علاقاتهم المالية خلف أسماء أخرى، إلا أن الربط التقني المتطور بدأ يكشف هذه أنماط المخالفات بشكل أسرع وأدق.
وقد نشرت وزارة التجارة منطوق الحكم القضائي النهائي الصادر من المحكمة الجزائية بمنطقة مكة المكرمة، وهو حكم شمل فرض غرامة مالية مقدارها خمسة آلاف ريال إضافة إلى نشر الحكم على نفقة المخالف كإجراء رادع.
وبالفعل يمثل نشر الأحكام إحدى أدوات الردع المعتمدة لمحاربة التستر، إذ يسهم في رفع الوعي العام بخطورة المخالفة ويوجه رسالة واضحة للممارسين غير النظاميين حول خطورة الاستمرار في هذه الأنشطة.
ويرى قانونيون أن العقوبات التبعية المنصوص عليها في نظام مكافحة التستر تعد من أكثر الجوانب حسماً، حيث تشمل حل المنشأة محل المخالفة وشطب السجل التجاري وإلغاء الترخيص ومنع المتستر من مزاولة النشاط لمدة خمس سنوات.
وقد أكد النظام كذلك إبعاد المتستر عليه عن المملكة وعدم السماح له بالعودة للعمل، وهو إجراء يعكس توجه الدولة في الحد من المخالفات التي تضر بالاقتصاد الوطني وتؤثر سلبًا على فرص العمل للمواطنين.
وبالفعل يفرض النظام عقوبات تصل إلى السجن خمس سنوات وغرامة قد تبلغ خمسة ملايين ريال، وهي عقوبات صارمة تهدف إلى حماية الاقتصاد من الأموال غير المشروعة التي تنمو في بيئات غير نظامية.
ويرى اقتصاديون أن حجز ومصادرة الأموال المكتسبة من نشاط التستر يعد خطوة جوهرية، إذ يمنع استفادة المخالفين من العوائد المالية الناتجة عن الأنشطة غير النظامية ويعزز العدالة في السوق التجاري.
وقد شددت الجهات المختصة على أن هذه الإجراءات تأتي ضمن حزمة واسعة من الإصلاحات الاقتصادية التي تدعمها رؤية 2030، والتي تهدف إلى رفع مستوى الشفافية وتحسين مناخ الأعمال وتمكين قطاع التجزئة النظامي.
وبالفعل بدأت آثار التشديد الرقابي تظهر في انخفاض بعض مؤشرات التستر، حيث تسعى الوزارة إلى بناء سوق أكثر انضباطًا يعتمد على المنافسة العادلة ويحد من التحايل الذي يضر بالشركات النظامية.
ويرى مهتمون بالشأن الاقتصادي أن ملاحقة المخالفات الصغيرة لا تقل أهمية عن القضايا الكبرى، إذ تشكل الأنشطة المتسترة جزءًا مؤثرًا من اقتصاد الظل الذي يسعى البرنامج الوطني لمكافحة التستر إلى مكافحته جذريًا.
وقد أشارت دراسات سابقة إلى أن التستر التجاري يؤدي إلى إضعاف المنشآت الوطنية، لأنه يمنح الأفضلية لجهات تعمل خارج الأطر النظامية ولا تتحمل أعباء السوق أو تكاليف التشغيل الحقيقية.
وبالفعل تنفذ وزارة التجارة حملات رقابية ميدانية مشتركة مع عدة جهات حكومية، وهي حملات تعتمد على أدوات تقنية حديثة قادرة على الربط بين البيانات المالية والإدارية لكشف أي تضارب أو نشاط مشبوه.
ويرى محللون أن استمرار نشر الأحكام وتكثيف الرقابة سيؤدي تدريجيًا إلى تجفيف منابع التستر، مما ينعكس على رفع جودة السوق وتحسين بيئته الاستثمارية وجذب مزيد من المستثمرين النظاميين.