يعكف الاتحاد السعودي لكرة القدم على تثبيت منهجية إدارية وتنظيمية تعكس توجهاته في ضبط إيقاع المنافسات المحلية، وقد جاء قراره الأخير بشأن نظام قيد المواليد ليؤكد إصراره على الحفاظ على استقرار اللوائح، وهو ما يراه المسؤولون خطوة ضرورية في مرحلة تتسم بكثرة المتغيرات الفنية والإدارية داخل دوري روشن للمحترفين.
إقرأ ايضاً:إدارة الهلال تحسم موقفها وتبحث عن بدائل جديدة .. تطور مفاجئ يضع إنزاجي أمام خيارات صعبة!الأهلي يتحرك بسرية تامة .. خطوة مرتقبة مع وكيل كيسيه تثير تساؤلات الجماهير!
ويأتي هذا القرار في وقت تتزايد فيه المطالب من بعض الأندية لإعادة النظر في بنود المواليد، وقد حاولت تلك الأندية الدفع باتجاه تعديل محدود يتيح لها مساحة أوسع للتحرك في سوق الانتقالات الشتوية، بينما ظل الاتحاد متمسكًا بضرورة الالتزام بالمعايير التي وضعت منذ بداية الموسم.
وقد برز نادي الهلال في مقدمة المطالبين بالتعديل، ورأت إدارته أن بعض البنود قد تحتاج إلى مراجعة تتوافق مع احتياجات المرحلة الفنية المقبلة، إلا أن هذه الرغبة اصطدمت بموقف آخر أكثر صلابة تقوده مجموعة من الأندية الكبرى التي فضّلت الإبقاء على النظام الحالي دون تغيير.
وبالفعل، كان نادي النصر ضمن الأطراف الأكثر رفضًا لأي تعديل، إذ يرى أن استقرار اللوائح يوفر بيئة تنافسية عادلة ويمنع حدوث ارتباك في حسابات الأندية، كما يؤكد مسؤولوه أن فتح باب التعديل في منتصف الموسم قد يخلق فوارق غير مرغوبة بين الفرق.
ويشير مراقبون إلى أن الجدل الذي تصاعد خلال الأسابيع الماضية حول هذا الملف يعكس حجم الحساسية المرتبطة بتنظيم الجنسيات والمواليد في الدوري السعودي، وقد اعتبر كثيرون أن القرار الأخير سيعيد الهدوء إلى المشهد بعد موجة من النقاشات الحادة.
ويرى آخرون أن الاتحاد السعودي بات أكثر ميلاً إلى تثبيت الأنظمة لفترات أطول، في خطوة تتسق مع الرؤية الحديثة لإدارة كرة القدم في المملكة، حيث يعتمد على التخطيط بعيد المدى بدلًا من التغييرات المفاجئة التي كانت تثير الجدل سابقًا.
وقد أوضح برنامج دورينا غير أن القرار تم اتخاذه رسميًا بعد مراجعات مطوّلة، حيث استعرض الاتحاد آراء الأندية كافة واستمع إلى وجهات نظر مختلفة قبل أن يقرر الإبقاء على النظام بالكامل، دون إضافة أو حذف أي بند في الوقت الراهن.
ويؤكد مختصون في الإدارة الرياضية أن هذا النوع من القرارات يعكس رغبة الاتحاد في الحفاظ على هوية المنافسة، خصوصًا مع الزيادة الكبيرة في عدد اللاعبين الأجانب وتنوع المدارس الفنية، ما يجعل أي تعديل غير محسوب قادرًا على تغيير ميزان القوى.
كما يرى متابعون أن بعض الأندية حاولت استغلال الفترة التي تسبق الانتقالات الشتوية لتمرير تغييرات تصب في مصلحتها، غير أن إدارات أخرى كانت أكثر تمسكًا بعدم زعزعة اللوائح، وهو ما رجّح كفة الاستمرارية على حساب التعديل.
ويعتقد محللون أن الاتحاد السعودي يدرك أن الانتقالات الشتوية تشكل مرحلة حساسة في مشوار الموسم، وقد فضّل عدم إضافة أي عوامل قد تزيد من تعقيد الحسابات أو تؤثر على استقرار الفرق فنيًا وإداريًا.
وبحسب مصادر قريبة من المشهد، فقد ناقش الاتحاد عدة سيناريوهات محتملة قبل اتخاذ قراره، إلا أن جميعها كانت تنتهي إلى النتيجة نفسها، وهي أن الحفاظ على اللوائح الحالية هو الخيار الأكثر اتساقًا مع مصلحة الدوري وتوازن المنافسة.
وقد عبّر بعض المدربين عن ارتياحهم للقرار، حيث يرون أن وجود نظام ثابت يساعد على التخطيط بعيد المدى، خصوصًا في ظل ضغط المباريات وكثرة مشاركات الأندية السعودية في البطولات القارية والإقليمية.
ويشير خبراء إلى أن هذا القرار يأتي في مرحلة تشهد فيها الكرة السعودية تحولات كبرى تتماشى مع توجهات رؤية 2030، حيث يتم التركيز على بناء منظومة احترافية متكاملة لا تقوم على القرارات اللحظية بل على الاستراتيجيات طويلة الأمد.
كما يتوقع محللون أن استمرار نظام المواليد بالشكل الحالي سيؤدي إلى بقاء المنافسة قوية بين الأندية، إذ يُجبر كل فريق على العمل ضمن الأطر المحددة وعدم البحث عن حلول تعتمد على الاستثناءات أو التعديلات الطارئة.
وتؤكد بعض التقارير أن الجدل حول هذا الملف لن يتوقف تمامًا، لأنه يرتبط بمساحة حرجة بين المتطلبات الفنية للأندية وبين الاعتبارات التنظيمية للاتحاد، وقد يكون قابلًا للنقاش مستقبلًا لكنه بحاجة إلى توقيت مناسب ودراسة متأنية.
وبرغم هذه الخلافات، يواصل الدوري السعودي مساره التصاعدي من حيث القوة الفنية والجاذبية الجماهيرية، وقد انعكس ذلك على أداء الأندية في الجولات الماضية، مما يزيد من أهمية الاستعداد للمرحلة المقبلة دون إحداث أي ارتباك تنظيمي.
ومن المنتظر أن تنطلق الجولة التاسعة يوم الجمعة، وسط ترقب كبير لما ستقدمه الفرق في هذه المرحلة التي تسبق سوق الانتقالات الشتوية، والتي عادةً ما تحمل معها موجة من التغييرات وتعيد رسم ملامح المنافسة.
وبهذه المعطيات، يمضي الاتحاد السعودي بثقة نحو تثبيت قواعده، ويرى أن الاستقرار الإداري يمثل خطوة أساسية لتعزيز صورة الدوري عالميًا، بينما تستعد الأندية لدخول واحدة من أهم مراحل الموسم بحثًا عن تحسين مواقعها وصناعة الفارق في الجولات المقبلة.