شهدت الساحة الاقتصادية في المملكة إعلاناً لافتاً من وزارة التجارة بعد كشفها تفاصيل قضية تستر تجاري في قطاع المقاولات بالدمام، حيث أثار الحكم القضائي الصادر اهتماماً واسعاً نظراً لحساسية القطاع ودوره في المشروعات التنموية المتسارعة ضمن رؤية 2030.
إقرأ ايضاً:"نادي الاتحاد" يواجه قرار الإقالة.. 3 أزمات مفاجئة تعصف بـ "مشروع كونسيساو".. وهذه هي المهلة الأخيرة!أمانة عسير تفاجئ الجميع بإطلاق منصة جديدة .. هذا ما سيغيّر طريقة وصولك للمعلومات البلدية
وقد أوضحت الوزارة أن التحقيقات كشفت تورط مواطن سعودي في تمكين مقيم من مزاولة أنشطة البناء والتشييد لحسابه الخاص دون الحصول على ترخيص استثمار أجنبي، الأمر الذي يعد مخالفة صريحة تضرب بمبدأ المنافسة العادلة وتخل بسلامة السوق.
ويؤكد المختصون أن جرائم التستر تمثل أحد أبرز التحديات التي تعمل الجهات الرقابية على مكافحتها، حيث تؤدي هذه الممارسات إلى خلق اقتصاد خفي يؤثر على بيئة الأعمال، مما دفع الوزارة لتكثيف حملاتها في مختلف مناطق المملكة.
وقد بينت تفاصيل القضية أن حجم التعاملات المالية للمتستر عليه كان يفوق بكثير ما يتناسب مع مهنته المسجلة وهي مهنة نجار، الأمر الذي أثار الشكوك ودفع إلى تعميق عمليات المراجعة والتحقيق حتى الوصول إلى الأدلة الحاسمة.
وكشفت الوزارة أن المتستر عليه كان يدير المنشأة بشكل كامل، حيث كان يتعامل مع العملاء ويستلم الأموال عبر حسابه البنكي، مما جعل دوره يتجاوز مجرد عامل ويصل إلى ممارسة النشاط التجاري بشكل مستقل خلافاً للأنظمة.
وقد أثبتت الأدلة أيضاً أن المقيم كان يسلم رواتب العمالة ويوقع السندات ويتصرف في المنشأة كأنه المالك الفعلي لها، مما عزز القناعة بوجود تستر واضح تطلب اتخاذ إجراءات حازمة لحماية نظام السوق.
ويرى قانونيون أن مثل هذه الممارسات تسبب خللاً تنظيمياً كبيراً، حيث يستفيد المتستر عليه من النشاط الاقتصادي دون تحمل المسؤوليات الضريبية والمالية، بينما يحصل المتستر على مقابل غير مشروع يخل بتوازن قطاع المقاولات.
وقد صدر حكم نهائي من المحكمة الجزائية بالدمام تضمن فرض غرامة مالية مقدارها عشرون ألف ريال مناصفة بين الطرفين، الأمر الذي يعكس جدية القضاء في مواجهة أي تلاعب يمس بنزاهة الأنشطة التجارية.
وتضمن الحكم أيضاً شطب السجل التجاري للمنشأة وإلغاء التراخيص المعتمدة لها، إضافة إلى إلزام المخالفين بسداد ما عليهم من زكاة ورسوم وضرائب، وهو ما يشكل رادعاً لمن يفكر في ارتكاب المخالفات ذاتها.
وبحسب الحكم فقد مُنع المواطن المتستر من مزاولة أي نشاط تجاري لمدة سنة كاملة، كما تقرر إبعاد المقيم المخالف عن المملكة بعد تنفيذ العقوبة، مع عدم السماح له بالعودة للعمل مرة أخرى.
وقد أكدت وزارة التجارة أن نشر الحكم على نفقة المخالفين يأتي ضمن الإجراءات النظامية الهادفة لردع المخالفين، حيث يعتبر الإعلان العلني عن القضايا المخالفة أحد أدوات الشفافية التي تنتهجها الوزارة.
ويشير المختصون إلى أن نظام مكافحة التستر يتضمن عقوبات تبعية صارمة تهدف لحماية الاقتصاد الوطني، حيث تشمل حل المنشأة المرتبطة بالجريمة وشطب سجلاتها التجارية ومنع المخالفين من العودة إلى النشاط.
وقد شددت الوزارة على أن العقوبات قد تصل في بعض الحالات إلى السجن لمدة خمس سنوات، إضافة إلى غرامات مالية تصل إلى خمسة ملايين ريال، مما يعكس حجم المخاطر النظامية المرتبطة بهذه الممارسات.
ويرى خبراء الاقتصاد أن مكافحة التستر تمثل ركيزة أساسية لتطوير بيئة الأعمال في المملكة، خاصة أن جهود الإصلاح الاقتصادي تتطلب أسواقاً شفافة وتنافسية قادرة على دعم الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وقد أكدت الجهات المختصة أن حجز ومصادرة الأموال غير المشروعة يعتبر جزءاً من منظومة العقوبات التي تطبق بعد صدور الأحكام القضائية، وذلك لضمان عدم استفادة أي طرف من العوائد المخالفة.
ويأتي هذا التحرك ضمن سلسلة من الإجراءات الرقابية التي تنفذها وزارة التجارة بالتعاون مع الجهات الأمنية والمالية، حيث تُستخدم أحدث الأدوات التقنية في تتبع الأنشطة التجارية المشبوهة.
ويرى مراقبون أن الاستمرار في كشف قضايا التستر يعكس تقدماً واضحاً في مستوى الرقابة، حيث أصبحت الجهات المختصة أكثر قدرة على رصد حركة الأموال المشبوهة ومتابعة الأنشطة التي لا تتوافق مع بيانات المنشآت.
وتؤكد الوزارة أن هذه الجهود تأتي دعماً للمنشآت النظامية وحماية لقطاع المقاولات الذي يشهد نمواً كبيراً ضمن مشاريع البنية التحتية، مما يجعل الالتزام بالأنظمة ضرورة لضمان استدامة التطور الاقتصادي.