في ظل التصعيد المتواصل للأحداث في السودان وارتفاع وتيرة النزاعات المسلحة، برزت مبادرة ولي العهد السعودي كإحدى أهم المبادرات الإقليمية الرامية لتسوية الأزمة السودانية، فقد وصف الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، هذه المبادرة بأنها بمنزلة "طريق السلام" الذي ينتظره السودانيون بفارغ الصبر، مؤكدًا أنها تعكس إرادة القيادة السعودية في دعم الاستقرار وعودة الحياة الآمنة للشعب السوداني واستئناف الحوار السياسي الشامل الذي يراعي تطلعات كافة الأطياف الوطنية.
إقرأ ايضاً:هل يغيّر قرار توطين المهن الرياضية مستقبل الصالات في السعودية؟"التوصيلات الكهربائية المغشوشة" تضع حياة المستهلكين على المحك: "وزارة التجارة" تكشف تفاصيل مروعة لضبطية خميس مشيط!
التزام أمريكي وتحولات دولية
لم تتوقف أصداء المبادرة السعودية عند حدود الإقليم، بل تجاوبت واشنطن سريعًا عبر تعهدات رئاسية بتحمل مسؤولية تسوية النزاع بعد طلب ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، حيث أشار الرئيس الأمريكي إلى أن التسوية لم تكن ضمن أولوياته، إلا أن إصرار القيادة السعودية دفعه للتحرك الفاعل لتسريع الحل وفق توصية الأمم المتحدة التي تصف الأزمة السودانية بأنها الأخطر عالميًا في الوقت الراهن.
تقنية الأدلة الرقمية في النزاعات المعاصرة
زادت تطورات النزاع في السودان من الاعتماد على الأدلة الرقمية والأقمار الصناعية للكشف عن الجرائم والانتهاكات بحق المدنيين، خاصةً بعد سقوط مدينة الفاشر في يد قوات الدعم السريع، واتسعت دائرة مجريات العدالة لتتجاوز الشهادات الفردية والمعاينات البطيئة، نحو أرشفة الجرائم رقمياً وظهورها للعلن في الوقت نفسه، ما يسرّع من وتيرة المحاسبة ويمنح الضحايا صوتًا جديدًا أمام العالم.
تقدير دولي للدور السعودي
وتؤكد التحركات الدولية الأخيرة أن الخطوة السعودية أساس في تطويق الأزمة، إذ ساهمت المبادرة في إعادة تحريك المياه الراكدة وجمع أطراف النزاع السوداني حول طاولة واحدة، مع وجود إشادة دولية متواصلة بالنهج السعودي الذي يرفض أية حلول تمس بوحدة السودان أو تدفع نحو تقسيمه، إضافة إلى تمسكه بمسار التسوية السلمية ورفض التدخلات الأجنبية السلبية التي تُعقّد الأزمة أكثر.
آفاق التسوية ومستقبل السودان
وتبدو ملامح المستقبل السوداني أكثر وضوحًا في ضوء الزخم الذي أحدثته المبادرة السعودية، لا سيما مع تجدد المحادثات والاستفادة من التقنيات الحديثة لرصد الانتهاكات ومساعدة المجتمع الدولي في تثبيت وقف إطلاق النار طويل الأمد، وتركز التحركات الحالية على تعزيز الثقة وتحديد معايير المحاسبة وحشد الدعم لمشروعات البناء الوطني، والرهان الرئيسي على نجاح وساطة الرياض في إنقاذ السودان من دائرة الحروب وإعادته لمسار التنمية المستدامة.