برعاية الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد أمير منطقة نجران، تنطلق اليوم فعاليات المعرض التفاعلي المتنقل روايتنا السعودية نافذة على المتاحف في مرحلته الثالثة، وذلك في ساحة النافورة التفاعلية على طريق الملك سعود بمدينة نجران، ليشكل هذا الحدث محطة جديدة في مسار الاهتمام السعودي المتنامي بإحياء التراث الوطني عبر أدوات حديثة ومبتكرة.
إقرأ ايضاً:تحديث ثوري من ميتا: الخصوصية تتصدر أولوياتها… خطوة جديدة لدعم حرية التعبير بمجموعات فيسبوك"وزارة الداخلية" تطلق أرقامًا صادمة.. 22 ألف مخالف في أسبوع واحد.. وتحذير أخير بشأن عقوبة المليون ريال!
ويأتي تنظيم المعرض تحت إشراف هيئة المتاحف السعودية، التي تسعى من خلال هذه المبادرة إلى تجسيد التوازن بين الأصالة والمعاصرة، عبر استخدام تقنيات رقمية متطورة تتيح للزوار التفاعل المباشر مع محتوى المتاحف الوطنية، بما يفتح أمامهم أفقًا جديدًا لفهم التاريخ والتراث بطرق عصرية.
يمتد المعرض حتى الثاني والعشرين من شهر نوفمبر الجاري، ليمنح الجمهور تجربة استثنائية تمتزج فيها المعرفة بالتقنية، حيث يشهد الزوار عرضًا مميزًا لإحدى عشرة قطعة أثرية مختارة تم إعادة تقديمها رقميًا ضمن بيئة بصرية وسمعية مصممة بدقة لتعكس روح التراث السعودي.
وتسعى هيئة المتاحف من خلال هذه الفعالية إلى تطوير مفهوم العرض المتحفي، بحيث لا يقتصر على المشاهدة الساكنة، بل يتحول إلى تجربة حسية تفاعلية تعيد إحياء المقتنيات التاريخية وتمنحها حياة جديدة عبر التكنولوجيا.
تقدم الفعالية كذلك مساحة مفتوحة أمام مختلف الفئات العمرية، إذ تتيح الدخول المجاني للجميع، في خطوة تعزز من مشاركة المجتمع المحلي وتدعم حضور الثقافة المتحفية كجزء من الحياة اليومية.
ويعكس المعرض جانبًا من التحول الثقافي الكبير الذي تشهده المملكة، ضمن إطار رؤية 2030 التي وضعت الثقافة والتراث ضمن ركائز التنمية الشاملة، باعتبارهما عنصرين أساسيين لبناء هوية وطنية متجددة.
وفي هذا السياق، تمثل روايتنا السعودية أكثر من مجرد معرض فني، فهي مبادرة فكرية تهدف إلى إعادة صياغة العلاقة بين المواطن وموروثه الثقافي، وتقديمه ضمن سرد بصري يحاكي تطلعات الأجيال الحديثة.
ويبرز في التصميم العام للمعرض اعتماد أساليب عرض ديناميكية تستخدم المؤثرات الصوتية والتصميم الحركي والوسائط الرقمية، ما يجعل تجربة الزائر أقرب إلى رحلة زمانية داخل التاريخ السعودي.
كما حرصت الهيئة على أن تكون هذه المرحلة الثالثة من المعرض امتدادًا لتجربتين سابقتين ناجحتين، شهدتا إقبالًا واسعًا من الزوار في مختلف مناطق المملكة، مما يؤكد تنامي الاهتمام المجتمعي بالمشاريع الثقافية ذات الطابع التفاعلي.
وتكشف الفعالية عن توجه جديد لهيئة المتاحف في ربط التراث بالمستقبل، عبر استخدام أدوات الواقع الافتراضي والتقنيات السمعية والبصرية الحديثة، بما يضع المتاحف السعودية في مقدمة المؤسسات الثقافية المتطورة بالمنطقة.
ويأتي هذا التوجه ضمن استراتيجية شاملة تهدف إلى جعل المتاحف منصات للتعليم والإلهام، وليست مجرد أماكن لحفظ القطع الأثرية، وهو ما يتماشى مع الخطط الوطنية الرامية إلى تنمية الصناعات الإبداعية والثقافية.
كما يمثل المعرض فرصة لإبراز التنوع الثقافي للمملكة من خلال عرض مقتنيات من مختلف المناطق، بما يعكس غنى التراث السعودي وامتداد حضارته عبر العصور، من النقوش القديمة إلى الحرف التقليدية.
ويعتمد المعرض في محتواه على فكرة السرد التفاعلي، حيث تُروى قصص القطع الأثرية بطريقة تجعل الزائر جزءًا من الحدث، وليس مجرد متفرج، مما يعزز من فهمه للتاريخ الوطني بطريقة شيقة ومؤثرة.
وفي هذا الإطار، يؤكد القائمون على المعرض أن الهدف الأساسي هو تحويل المتاحف إلى فضاءات للتفاعل المعرفي، تتيح تبادل الأفكار والخبرات بين الأجيال، وتسهم في رفع الوعي الثقافي لدى المجتمع.
ويُتوقع أن تشهد الفعالية مشاركة واسعة من المدارس والجامعات والمؤسسات الثقافية في المنطقة، بما يسهم في نشر ثقافة زيارة المتاحف والتفاعل مع التراث بوصفه موردًا معرفيًا واقتصاديًا في آن واحد.
وتأتي إقامة الحدث في نجران لما تحمله المنطقة من عمق تاريخي وحضاري مميز، فهي تزخر بمواقع أثرية وتاريخية تمثل جزءًا مهمًا من الذاكرة السعودية الممتدة، ما يجعلها موقعًا مثاليًا لاستضافة هذا المعرض المتجول.
كما تسعى هيئة المتاحف من خلال تنظيم مثل هذه الفعاليات في مختلف المناطق إلى تعزيز مبدأ العدالة الثقافية، وضمان وصول الخدمات والأنشطة الثقافية إلى جميع فئات المجتمع في المدن والقرى على حد سواء.
وفي نهاية المطاف، تمثل روايتنا السعودية نافذة مفتوحة على ماضي المملكة العريق وحاضرها المتجدد، وتجسد التزام الدولة بتفعيل دور الثقافة كقوة ناعمة تدعم التنمية وتعمق الانتماء الوطني.