انطلقت في الرياض فعاليات الملتقى الأول لفصول موهبة في مشهد يعكس الحراك المتسارع الذي يشهده قطاع رعاية الموهوبين في المملكة، وجاء تنظيم الحدث ليؤكد انتقال البرامج النوعية من إطار المبادرات إلى مسار مؤسسي أكثر عمقًا وتأثيرًا.
إقرأ ايضاً:وزارة التعليم تعلن موعد إعلان نتائج برنامج فرص 1447 للمعلمين عبر فارسالوطني للأرصاد يطلق تحذيراً عاجلاً .. موجة غير مسبوقة تضرب مناطق واسعة وهذه أخطر تداعياتها
ويأتي الملتقى بتنظيم مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع في جامعة الملك سعود، وبحضور قيادات تعليمية وخبراء مختصين، وقد عكس ذلك مكانة البرنامج بوصفه أحد المحركات الأساسية لتطوير التعليم النوعي.
وقد شهد اليوم الافتتاحي حضور نائب أمين عام موهبة لخدمات الموهوبين الدكتور عبدالعزيز البشر، في إشارة واضحة إلى الأهمية الاستراتيجية التي توليها المؤسسة لفصول موهبة بوصفها ركيزة لاكتشاف القدرات وصقلها مبكرًا.
وشارك في الملتقى ممثلو 198 مدرسة من مختلف مناطق المملكة، إلى جانب معلمين ومشرفين تربويين، وهو ما يعكس اتساع رقعة الشراكة التعليمية واتجاهها نحو بناء شبكة وطنية متماسكة تخدم الطلبة الموهوبين.
ويرى مختصون أن هذا التجمع المهني يفتح المجال لتبادل الخبرات بين الميدان التعليمي وصناع القرار، بما يسهم في تطوير نماذج تعليمية أكثر مرونة وقدرة على الاستجابة لاحتياجات الطلبة المتميزين.
ويتضمن برنامج الملتقى أربع جلسات علمية تستعرض أوراقًا بحثية وتجارب مدرسية رائدة، وقد ركزت هذه الجلسات على رعاية الموهبة داخل البيئة المدرسية بوصفها نقطة الانطلاق الحقيقية لبناء الإبداع.
وبالفعل برزت خلال الجلسات نماذج نجاح لمدارس الشراكة، حيث جرى تسليط الضوء على أفضل الممارسات التطبيقية التي أثبتت فاعليتها في تنمية قدرات الطلبة الموهوبين علميًا وسلوكيًا.
ويهدف هذا الطرح العلمي إلى نقل التجارب الناجحة من نطاقها المحلي إلى فضاء أوسع، بما يسمح بتعميمها وتكييفها مع بيئات تعليمية مختلفة داخل المملكة.
كما شمل الملتقى برنامجًا تدريبيًا نوعيًا يضم ثلاثة برامج متخصصة، وقد صممت هذه البرامج لتلبية احتياجات الكوادر التعليمية العاملة في فصول موهبة وتعزيز كفاءتهم المهنية.
ويركز الجانب التدريبي على تمكين المعلم بوصفه العنصر المحوري في العملية التعليمية، إذ يسهم تطوير مهاراته في خلق بيئة تعليمية محفزة تحتضن التفكير الإبداعي والبحث العلمي.
إضافة إلى ذلك تضمن الملتقى ورشتي عمل تطبيقيتين، وقد استهدفتا تطوير الممارسات الميدانية وتعزيز دور الطالب الموهوب ليكون شريكًا فاعلًا في رحلته التعليمية.
ويؤكد منظمو الملتقى أن هذه الورش تمثل جسرًا بين النظرية والتطبيق، حيث تترجم المفاهيم التربوية الحديثة إلى أدوات عملية قابلة للتنفيذ داخل الصفوف الدراسية.
ويأتي هذا التوجه متسقًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تضع تنمية رأس المال البشري في مقدمة أولوياتها، وتعد رعاية الموهبة عنصرًا أساسيًا في بناء اقتصاد المعرفة.
كما يسعى الملتقى إلى تعزيز التعاون بين مدارس الشراكة، بما يخلق منظومة تعلم متكاملة تتبادل فيها الخبرات وتتقاطع فيها النجاحات بدل أن تعمل كل مدرسة بمعزل عن الأخرى.
ويرى تربويون أن مناقشة أثر رعاية الطلبة الموهوبين على المستويين المدرسي والمجتمعي تمثل خطوة متقدمة، إذ تنقل النقاش من حدود الصف إلى فضاء التنمية الوطنية الشاملة.
ويمثل الملتقى محطة مهمة في مسيرة تطوير برنامج فصول موهبة، إذ يعكس نضج التجربة وانتقالها من التأسيس إلى مرحلة التمكين والاستدامة.
ويعود تاريخ انطلاق برنامج فصول موهبة إلى عام 2009، حين بدأ بعدد محدود من الطلبة والمدارس، قبل أن يشهد نموًا متسارعًا يعكس نجاح النموذج وثقة الميدان التعليمي به.
وبالفعل ارتفع عدد المستفيدين هذا العام إلى أكثر من 9500 طالب وطالبة موزعين على 198 مدرسة في 17 مدينة، في مؤشر واضح على اتساع الأثر وتنامي الطموح نحو صناعة جيل مبدع يقود المستقبل.