أصبحت شركة OpenAI في صدارة المشهد الاقتصادي العالمي بعد أن حصدت لقب أكبر الشركات الناشئة قيمةً في العالم، حيث تجاوز تقييمها 500 مليار دولار، متقدمة على منافستها المباشرة SpaceX التي تبلغ قيمتها 400 مليار دولار، فيما جاءت شركة بايت دانس الصينية المطورة لتطبيق تيك توك في المركز الثالث بقيمة 220 مليار دولار.
إقرأ ايضاً:نصائح علمية تحمي حياتك.. ماذا تكشف التحاليل الأساسية بعد الأربعين؟انتفاضه تاريخية للنصر تحت قيادة جيسوس.. فهل تستمر هيمنة النصر محليًا وقاريًا؟
وجاء هذا الإنجاز الضخم نتيجة عملية بيع أسهم ثانوية لمستثمرين كبار، بينهم صندوق سوفت بنك الياباني وصندوق MGX التابع لحكومة أبوظبي، وهي الخطوة التي قفزت بتقييم الشركة من 300 مليار إلى 500 مليار دولار، لتكرس مكانتها كأقوى شركة ناشئة على الإطلاق.
ويُنظر إلى هذه العملية بوصفها نقطة تحول فارقة في مسيرة OpenAI، إذ تعكس إقبالًا متزايدًا من المؤسسات المالية الكبرى على الاستثمار في قطاع الذكاء الاصطناعي، باعتباره القطاع الأكثر نموًا وربحية في العقد الحالي.
وتزامن هذا التوسع مع إعلان الشركة في سبتمبر الماضي قربها من التحول إلى شركة ذات منفعة عامة تخضع لسيطرة ذراعها غير الربحية، حيث حصلت هذه الأخيرة على حصة تزيد قيمتها عن 100 مليار دولار، ما يجعلها من كبار المساهمين في الكيان الجديد.
هذا التحول في الهيكلية أثار جدلًا واسعًا، خاصة أن إيلون ماسك، المؤسس المشارك لـOpenAI قبل مغادرته، رفع دعاوى قضائية ضد الشركة والرئيس التنفيذي سام ألتمان، متهمًا إياهم بانتهاك العقد التأسيسي وتغيير مهمة OpenAI الأصلية المتمثلة في تطوير ذكاء اصطناعي يخدم البشرية.
لكن إدارة OpenAI ترى أن الانتقال إلى هذا الشكل القانوني الجديد يمنحها جاذبية أكبر أمام المستثمرين، حيث يخفف من القيود المفروضة على تحقيق العوائد المالية، وهو ما اعتبرته خطوة ضرورية لضمان استدامة توسعها العالمي.
ويرى محللون أن هذا التقييم الضخم لا يعكس فقط قوة منتجات OpenAI الحالية مثل ChatGPT، بل يعكس أيضًا التوقعات العالية بقدرتها على قيادة الموجة المقبلة من تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ويخطط سام ألتمان إلى استثمار تريليونات الدولارات خلال السنوات المقبلة في إنشاء مراكز بيانات عملاقة لتشغيل خدمات الشركة، وهو ما يضع OpenAI في قلب المنافسة العالمية على البنية التحتية الرقمية.
ويُتوقع أن يسهم هذا التوجه في تعزيز ريادة الشركة في سوق الخدمات السحابية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وهو مجال باتت تتنافس فيه كبرى شركات التكنولوجيا مثل مايكروسوفت وغوغل وأمازون.
كما أن دخول صناديق سيادية مثل صندوق أبوظبي إلى قائمة المستثمرين يمنح OpenAI ثقلًا استراتيجيًا في منطقة الشرق الأوسط، التي تسعى بدورها لتسريع خطواتها في سباق الذكاء الاصطناعي.
ويأتي هذا التوسع في وقت تتسابق فيه الحكومات والشركات حول العالم لوضع أطر تنظيمية للذكاء الاصطناعي، ما يفرض على OpenAI تحديات مزدوجة بين الابتكار والالتزام بالقوانين.
ويرى خبراء الاقتصاد أن تخطي الشركة حاجز 500 مليار دولار يضعها في مصاف عمالقة التكنولوجيا، رغم كونها لا تزال تُصنّف رسميًا ضمن فئة الشركات الناشئة.
كما يطرح هذا الارتفاع في التقييم تساؤلات حول مستقبل السوق التقني، وإمكانية حدوث فقاعة مالية شبيهة بما حدث في عصر الإنترنت مطلع الألفية.
إلا أن المؤشرات الحالية تؤكد أن الطلب على تقنيات الذكاء الاصطناعي يتجاوز حدود التوقعات، خاصة مع دخولها مجالات متعددة من الرعاية الصحية إلى التعليم وحتى الصناعات الدفاعية.
وتشير تقديرات المحللين إلى أن قدرة OpenAI على تحويل هيكلها إلى شركة ذات منفعة عامة ستحدد ملامح المرحلة المقبلة من توسعها العالمي، خصوصًا مع وجود تحديات قانونية وضغوط من منافسين كبار.
في المقابل، يؤكد أنصار الشركة أن خططها الطموحة ستمنحها القدرة على صياغة مستقبل الذكاء الاصطناعي وتوجيه مساره بما يخدم الاقتصاد العالمي.
وتعد هذه القفزة في التقييم المالي دليلاً على أن OpenAI لم تعد مجرد مطور لتطبيقات تقنية، بل تحولت إلى لاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي، له وزن استراتيجي وتأثير مباشر على مسارات الاستثمار الدولية.
وبهذا تصبح OpenAI نموذجًا استثنائيًا في عالم ريادة الأعمال، حيث جمعت بين الابتكار العلمي والقدرة على جذب التمويل الضخم، لتتصدر قائمة أكبر الشركات الناشئة قيمة في العالم.