أكدت الإدارة العامة للمرور في بيان رسمي أن السلامة المرورية تمثل أولوية وطنية قصوى في مختلف مناطق المملكة، مشيرة إلى أن الجهود الميدانية والإحصائية كشفت عن ملاحظات مهمة في المنطقة الشرقية تستحق الوقوف عندها بجدية.
إقرأ ايضاً:إنزاجي يكشف سر تشكيلته المفاجئة أمام الاتحاد .. هذا اللاعب بديلاً لسالم الدوسري!الجوازات تحسم الجدل حول عدم المغادرة.. غرامة 1000 ريال لـ "إلغاء التأشيرة" بعد انتهاء صلاحيتها

وقد أوضحت الإدارة أن التحليل المروري لعام 2024 بيّن وجود ثلاثة أسباب رئيسية تقف خلف معظم الحوادث التي شهدتها طرق المنطقة الشرقية، وهي أسباب متكررة رغم التحذيرات المتواصلة التي تُطلقها الجهات المعنية بشكل دوري.

ويرى مراقبون أن ما طرحته الإدارة العامة للمرور يعكس نهجًا جديدًا في التعامل مع قضية الحوادث، إذ باتت تعتمد على البيانات الدقيقة لرصد أنماط السلوك المروري بدلاً من الاكتفاء بالإجراءات التقليدية التي لا تحقق النتائج المرجوة.

ووفقًا لبيان المرور، فإن الانحراف المفاجئ أثناء القيادة يُعد العامل الأكثر تسببًا في وقوع الحوادث خلال العام الماضي، حيث يُظهر هذا السلوك تهورًا واضحًا من بعض السائقين الذين لا يقدّرون خطورة التجاوز المفاجئ أو تغيير المسار دون انتباه.

كما كشفت الإدارة أن استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة جاء في المرتبة الثانية ضمن مسببات الحوادث، مؤكدة أن هذا التصرف يشتت الانتباه ويقلل من سرعة الاستجابة في المواقف الطارئة، وهو ما يؤدي إلى نتائج مأساوية في كثير من الأحيان.

وفي المرتبة الثالثة، بيّن التقرير أن عدم ترك مسافة كافية بين المركبات يُعد أحد أكثر الأخطاء شيوعًا على الطرق، حيث يعتقد بعض السائقين أن الاقتراب من المركبات الأمامية يمنحهم الأفضلية في الزحام، بينما هو في الحقيقة سلوك محفوف بالمخاطر.

وبالفعل، شددت الإدارة العامة للمرور على أن هذه المسببات الثلاثة مجتمعة تشكل ما يشبه الحلقة الأخطر في منظومة القيادة اليومية، داعية جميع السائقين إلى إعادة النظر في عاداتهم المرورية قبل أن تتسبب في كوارث لا تُحمد عقباها.

ويرى خبراء السلامة أن التركيز على المنطقة الشرقية في هذا التقرير له دلالات خاصة، إذ تعد من أكثر المناطق حيوية في المملكة بحكم النشاط الصناعي والاقتصادي الكثيف الذي تشهده، ما يجعل الضغط المروري فيها مرتفعًا بشكل دائم.

وقد أشار الخبراء إلى أن الوعي المروري في ازدياد بفضل الحملات التوعوية المكثفة التي تقودها الجهات الرسمية بالتعاون مع القطاع الخاص، إلا أن بعض السلوكيات الخاطئة لا تزال تقاوم هذا التغيير وتحتاج إلى تدخل أكثر حزمًا.

كما لفتت الإدارة العامة للمرور إلى أن رؤية السعودية 2030 أولت السلامة على الطرق اهتمامًا كبيرًا، إذ تُعد من عناصر جودة الحياة، وتعمل الجهات المختصة على تقليل نسبة الوفيات والإصابات الناتجة عن الحوادث بنسبة ملحوظة بحلول عام 2030.

وبينت الإدارة أن التقنية الحديثة تلعب دورًا محوريًا في ضبط المخالفات ورصد السلوكيات الخطرة، حيث أسهمت الكاميرات الذكية وأنظمة الرصد الآلي في كشف آلاف الحالات من استخدام الجوال أثناء القيادة خلال العام الماضي.

وأكد البيان أن هذه الجهود التقنية لا تهدف إلى معاقبة السائقين بقدر ما تهدف إلى حمايتهم من أنفسهم، فكل مخالفة تُرصد تمثل في الواقع تحذيرًا مبكرًا من خطر كان يمكن أن يودي بحياة السائق أو الآخرين على الطريق.

ومن جانب آخر، دعا المرور الإدارات المحلية والجهات الخدمية إلى التنسيق الدائم لتطوير البنية التحتية للطرق، إذ إن تحسين جودة الطرق والإشارات والتخطيط يسهم بشكل مباشر في تقليل احتمالية وقوع الحوادث.

ويرى محللون أن التوعية وحدها لا تكفي دون تطبيق صارم للأنظمة، وأن الجمع بين الردع والعقاب العادل من جهة، والتثقيف والتحفيز الإيجابي من جهة أخرى، هو الطريق الأمثل لبناء ثقافة قيادة مسؤولة ومستدامة.

كما شددت الإدارة على أهمية الدور المجتمعي في تعزيز الوعي المروري، فكل مواطن أو مقيم يمكن أن يكون جزءًا من الحل من خلال الالتزام والسلوك الحضاري على الطريق، ونقل هذه الثقافة إلى الأبناء والأصدقاء.

وأكدت الإدارة العامة للمرور أنها ستواصل حملاتها الميدانية والإعلامية خلال الأشهر المقبلة، مع التركيز على السلوكيات الثلاثة التي تسببت في أغلب الحوادث، داعية الجميع إلى التعاون لتحقيق بيئة سير أكثر أمانًا.

وبالفعل، أشارت الإحصاءات إلى أن نسبة الحوادث المرورية بدأت بالانخفاض التدريجي في بعض المناطق نتيجة التحسينات الأخيرة، ما يشير إلى أن الالتزام الجماعي بدأ يثمر نتائج ملموسة على أرض الواقع.

وفي ختام بيانها، وجهت الإدارة العامة للمرور رسالة واضحة للسائقين مفادها أن الحذر والالتزام ليسا خيارين بل ضرورة، فكل رحلة آمنة تبدأ بقرار واعٍ واحترام كامل لقواعد الطريق.