أطلق مركز التأمين الصحي الوطني مشروعًا تنظيميًا جديدًا يستهدف رفع جودة خدمات الرعاية الصحية في المملكة، وذلك من خلال وضع معايير دقيقة تلزم المؤسسات الصحية الراغبة في الانضمام إلى شبكته الوطنية، وسط توقعات بأن يسهم هذا الإجراء في إعادة هيكلة منظومة الاعتمادات الصحية بشكل شامل.
إقرأ ايضاً:إنزاجي يكشف سر تشكيلته المفاجئة أمام الاتحاد .. هذا اللاعب بديلاً لسالم الدوسري!الجوازات تحسم الجدل حول عدم المغادرة.. غرامة 1000 ريال لـ "إلغاء التأشيرة" بعد انتهاء صلاحيتها
وقد ألزم المركز جميع المؤسسات الصحية التي تسعى للانضمام إلى شبكته بتطبيق عشرة معايير أساسية تشمل جودة الخدمة، والالتزام بالأخلاقيات المهنية، وتقديم الرعاية المتكاملة للمستفيدين دون أي تمييز، بما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية في مجال الصحة العامة.
وأكدت اللائحة المقترحة ضرورة التزام المؤسسات بتزويد المركز بجميع الوثائق والمعلومات المحدثة التي تتعلق بالرعاية الصحية المقدمة، مع الإبلاغ عن أي تغييرات تطرأ على البيانات المعتمدة، وذلك لضمان الشفافية الكاملة في عمليات التسجيل والاعتماد.
ويرى مختصون أن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في تنظيم العلاقة بين المركز والمؤسسات الصحية الخاصة والعامة، إذ تهدف إلى ضمان الجودة واستدامة الخدمة الطبية وفق معايير مهنية صارمة تتماشى مع رؤية المملكة 2030 في تطوير القطاع الصحي.
وبحسب المشروع الجديد، فإن مركز التأمين الصحي الوطني سيتولى شراء خدمات الرعاية الصحية من المؤسسات المعتمدة فقط، بحيث تكون هذه الخدمات خاضعة للائحة تغطية الرعاية الصحية وأدلة الشراء التي يصدرها المركز بشكل دوري.
كما نص المشروع على أن عقود شراء الرعاية الصحية ستبرم بين المركز والمؤسسات الصحية المعتمدة بناءً على نماذج عقود موحدة يقرها المركز، لضمان العدالة في التعاقد وتكافؤ الفرص بين مقدمي الخدمة الصحية في مختلف المناطق.
وأتاح المشروع للمركز إصدار خمسة أنواع من الاعتمادات تشمل الاعتماد الأساسي، والاعتماد المشروط، واعتماد الحالات الطارئة، واعتماد المنشآت الصحية الدولية، إضافة إلى اعتماد آخر يحدد وفق الحاجة بقرار مستقل من الرئيس التنفيذي للمركز.
وبالفعل، فقد أعلن المركز عن إنشاء قائمة رسمية تحت مسمى شبكة المؤسسات الصحية المعتمدة، تضم جميع المنشآت والتجمعات الصحية التي حصلت على أي من أنواع الاعتماد الخمسة المقررة، لتكون مرجعًا للمستفيدين في اختيار خدماتهم الصحية.
ومن أبرز ما جاء في اللائحة أن المؤسسات الصحية المرخصة لتقديم خدمات الطوارئ تُعد معتمدة تلقائيًا للحالات الطارئة فور نفاذ اللائحة دون الحاجة إلى تقديم طلب رسمي، في خطوة تهدف إلى تسريع الاستجابة للحالات الحرجة.
ويرى محللون أن هذا القرار يعزز من كفاءة النظام الصحي الوطني، إذ يسمح للمستشفيات والمراكز الطبية بالتركيز على تطوير قدراتها الفنية دون الدخول في إجراءات اعتماد طويلة في حالات الطوارئ التي تتطلب سرعة استجابة.
كما منح النظام الجديد المركز صلاحيات واسعة في إلغاء الاعتماد الأساسي أو المشروط في خمس حالات محددة، أبرزها مخالفة اللوائح أو تجاهل تنفيذ التدابير المطلوبة في البلاغات الصادرة عن المركز بحق المؤسسة الصحية المعتمدة.
وقد نصت اللائحة أيضًا على إمكانية إلغاء الاعتماد إذا تم شطب أو إلغاء أي من التراخيص الصادرة عن وزارة الصحة أو المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية، وهو ما يربط جميع الجهات الرقابية بسلسلة واحدة من الضوابط المشتركة.
ومن الحالات الخطيرة التي نصت عليها اللائحة أيضًا، ثبوت قيام المؤسسة الصحية بتزوير أو تقديم معلومات مضللة سواء أثناء التقدم للاعتماد أو بعد الحصول عليه، حيث اعتبرها المركز مخالفة جسيمة تستوجب الإلغاء الفوري.
ويرى خبراء في القطاع الصحي أن إدراج بند التزوير والمعلومات المضللة بهذا الشكل الواضح يبعث رسالة قوية حول جدية المركز في ضبط الجودة ومحاربة أي ممارسات قد تضر بثقة المستفيدين في المؤسسات الصحية.
وبموجب اللائحة الجديدة، يجوز للمركز أيضًا إلغاء اعتماد مؤسسة تابعة لتجمع صحي معتمد دون أن يشمل القرار بقية مؤسسات التجمع، مع إلزامه بوضع خطة واضحة لنقل المستفيدين لضمان عدم انقطاع الخدمة العلاجية.
وقد أوضحت اللائحة أن المركز سيقوم بإصدار قرارات الإلغاء مرفقة بتدابير محددة يتعين على المؤسسة والتجمع الصحي اتخاذها لمعالجة تبعات القرار، بما في ذلك التنسيق لضمان استمرارية العلاج للمستفيدين المتأثرين.
ويشير متابعون إلى أن مشروع المركز يأتي في وقت يشهد فيه القطاع الصحي السعودي تحولات كبيرة تستهدف رفع كفاءة الإنفاق وتحسين تجربة المستفيد، وهو ما يتماشى مع أهداف برنامج التحول الوطني.
ويبدو أن هذا المشروع سيضع المؤسسات الصحية أمام اختبار جدي للالتزام بالمعايير الجديدة، إذ يتوقع أن يشكل الاعتماد الرسمي من مركز التأمين الصحي الوطني معيارًا رئيسيًا لتصنيف جودة المنشآت الصحية خلال السنوات المقبلة.