أعلن طيران الرياض، الناقل الوطني الجديد للمملكة العربية السعودية وأحد المشاريع الكبرى المنبثقة عن صندوق الاستثمارات العامة، عن إطلاق أولى رحلاته الدولية المنتظمة باتجاه مطار لندن هيثرو ابتداء من السادس والعشرين من أكتوبر الجاري، في خطوة استراتيجية تعكس طموح المملكة لتعزيز ربطها بالعالم وتأكيد مكانتها كمركز محوري للسفر الدولي.
إقرأ ايضاً:إنزاجي يكشف سر تشكيلته المفاجئة أمام الاتحاد .. هذا اللاعب بديلاً لسالم الدوسري!الجوازات تحسم الجدل حول عدم المغادرة.. غرامة 1000 ريال لـ "إلغاء التأشيرة" بعد انتهاء صلاحيتها
وتأتي هذه الخطوة بعد أشهر من الاستعدادات التشغيلية التي هدفت إلى بناء تجربة متكاملة للضيوف المسافرين، حيث اختارت الشركة أن تبدأ عملياتها برحلات يومية إلى العاصمة البريطانية، وهو قرار يعكس إدراكها لأهمية السوق البريطانية كأحد أهم الوجهات العالمية وأكثرها حيوية لحركة السفر من وإلى المملكة.
وسيتم تشغيل هذه الرحلات باستخدام طائرة بوينج من طراز 787-9 المعروفة باسم "جميلة"، وهي طائرة احتياطية فنية جرى تخصيصها لهذه المرحلة الافتتاحية لضمان مرونة تشغيلية عالية، مع التركيز على اختبار كامل لمستويات الخدمة والجاهزية قبل تسلم الأسطول الجديد المكون من طائرات حديثة من شركة بوينج خلال العام المقبل.
وتتيح هذه المرحلة الأولى إمكانية حجز التذاكر لفئات مختارة تشمل موظفي الشركة وبعض الضيوف المميزين، وذلك في إطار برنامج تشغيل تجريبي يهدف إلى رصد أدق تفاصيل الأداء ومواكبة المعايير التشغيلية العالمية، بما يضمن تجربة سفر سلسة وآمنة منذ البداية وحتى اكتمال الاستعدادات التشغيلية الموسعة.
وستغادر الرحلة الافتتاحية رقم RX401 من مطار الملك خالد الدولي في الرياض عند الساعة الثالثة والربع صباحًا لتصل إلى مطار هيثرو في السابعة والنصف صباحًا بالتوقيت المحلي، فيما ستنطلق رحلة العودة رقم RX402 من لندن في التاسعة والنصف صباحًا لتصل إلى الرياض في السابعة والربع مساءً، وهو جدول زمني يراعي راحة المسافرين واحتياجاتهم المتنوعة.
يمثل هذا التدشين أكثر من مجرد إطلاق خط جوي جديد، إذ يعكس فلسفة طيران الرياض في تقديم منتج جوي حديث يجمع بين أعلى معايير الجودة والخدمة المبتكرة، ليضع الركاب في قلب تجربة سفر عالمية المستوى ويعزز ثقة العملاء في قدرات الناقل الوطني الجديد على المنافسة في أجواء دولية شديدة التنافسية.
ويأتي ذلك متوازيًا مع إطلاق الشركة برنامج الولاء الجديد "سفير" الذي جرى تصميمه بأسلوب مبتكر يمنح الأعضاء المؤسسين مزايا حصرية، بما في ذلك أولوية الحجز وخدمات مخصصة وتجارب استثنائية، ليعكس مستقبل برامج الولاء في عالم الطيران ويضع معايير جديدة للتفاعل مع المسافرين.
ويحمل البرنامج دلالات استراتيجية، إذ يؤكد على سعي طيران الرياض لبناء علاقة طويلة الأمد مع عملائه تقوم على الثقة والتميز، كما يفتح المجال أمام إنشاء قاعدة ولاء قوية تعزز مكانة الناقل الجديد في السوق العالمي وتدعم خططه للتوسع نحو وجهات إضافية خلال المرحلة المقبلة.
وفي هذا السياق، أوضح توني دوغلاس الرئيس التنفيذي لطيران الرياض أن هذه الخطوة ليست مجرد تشغيل خط جوي وإنما تجسيد عملي لرؤية المملكة 2030، حيث تسعى الشركة إلى أن تكون جسراً يربط السعودية بالعالم عبر شبكة من الوجهات الدولية التي تخدم السياحة والأعمال وتعزز مكانة الرياض كعاصمة عالمية ناشئة.
وأكد دوغلاس أن الانطلاق نحو لندن يعد بمثابة اختبار شامل للجاهزية التشغيلية، إذ يجري التركيز على ضبط أدق التفاصيل المتعلقة بالخدمات الأرضية والجوية والتجربة الرقمية، بما يضمن تقديم رحلة متكاملة المعايير، مشيرًا إلى أن هذا النهج يعكس التزام الشركة بالوصول إلى الكمال التشغيلي قبل التوسع إلى وجهات أخرى.
كما شدد على أن نجاح الرحلات التجريبية سيمهد الطريق للإعلان خلال الأسابيع المقبلة عن مجموعة جديدة من الوجهات الإقليمية والدولية، من بينها دبي كمرحلة تالية، في إشارة واضحة إلى رغبة طيران الرياض في توسيع نطاق عملياته بوتيرة مدروسة تتماشى مع استراتيجيته طويلة الأمد.
ويتماشى هذا التوجه مع الخطط الوطنية لرفع مساهمة قطاع الطيران المدني في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة وتعزيز موقعها كمنصة لوجستية عالمية، إذ يشكل طيران الرياض أحد الأعمدة الرئيسة في الاستراتيجية الوطنية للطيران التي تهدف إلى نقل المملكة إلى قائمة أفضل المراكز المحورية في العالم.
ويعكس اختيار لندن كأول وجهة دولية استراتيجية بعيدة المدى رغبة الشركة في التركيز على الأسواق ذات القيمة المضافة العالية، كما أنه يحمل رسالة رمزية بقدرة طيران الرياض على المنافسة في واحد من أكثر مطارات العالم ازدحامًا وتطلبًا من حيث معايير الخدمة والتشغيل.
ومن خلال اعتماد جدول رحلات مدروس يضمن راحة المسافرين وربطه بواحدة من أبرز العواصم الأوروبية، فإن الشركة تؤكد على التزامها بتقديم خدمات تتناسب مع تطلعات الضيوف السعوديين والدوليين على حد سواء، ما يضعها في مسار تصاعدي نحو تعزيز مكانتها بين شركات الطيران الكبرى.
ويأتي ذلك ضمن سلسلة من المبادرات التي تعكس حرص الصندوق السيادي السعودي على بناء شركات وطنية عملاقة قادرة على المنافسة إقليميًا ودوليًا، إذ يعد طيران الرياض نموذجًا حيًا لهذا التوجه، باعتباره ليس مجرد مشروع تجاري بل جزءًا من التحولات الاقتصادية الكبرى في المملكة.
كما أن هذا الإطلاق يبعث برسالة واضحة للأسواق العالمية بأن المملكة ماضية في تنفيذ مشروعاتها الطموحة في قطاعات النقل والسياحة والخدمات، بما يعزز ثقة المستثمرين ويضع الطيران السعودي في صدارة المشهد العالمي خلال السنوات القليلة المقبلة.
وتستند هذه الرؤية إلى قناعة راسخة بأن تطوير البنية التحتية للطيران المدني ليس مجرد وسيلة للنقل وإنما محرك أساسي لتنمية الاقتصاد الوطني ودعم القطاعات المرتبطة به مثل السياحة والفنادق والتجارة، وهو ما يجعل هذه الخطوة محطة فارقة في مسار التحول الوطني.
وبهذا الانطلاق، يكون طيران الرياض قد وضع أولى لبناته نحو بناء شبكة عالمية متكاملة، حيث تتوالى الرحلات في الأشهر المقبلة مع وصول الطائرات الجديدة وافتتاح الوجهات المقررة لصيف 2026، بما يكرس موقع المملكة كوجهة رئيسة تربط الشرق بالغرب وتفتح آفاقًا غير محدودة للسفر والتجارة.
وبينما يستعد المسافرون السعوديون لتجربة هذا الناقل الجديد، فإن الأنظار العالمية تتجه لمراقبة الكيفية التي سينجح بها طيران الرياض في تحقيق وعوده وتطبيق رؤيته الطموحة، وسط توقعات بأن يسهم بقوة في إعادة رسم خريطة الطيران في المنطقة وفتح أفق جديدة للتنافسية الدولية.