رعت جامعة حائل مبادرة بحثية نوعية تهدف إلى تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة ضيوف الرحمن، حيث قدّم ثلاثة باحثين سعوديين مشروعًا تقنيًا جديدًا يحمل اسم “خُطى مكة”، صُمم للتنبؤ بمستويات الازدحام في المشاعر المقدسة خلال مواسم الحج والعمرة.
إقرأ ايضاً:إنزاجي يكشف سر تشكيلته المفاجئة أمام الاتحاد .. هذا اللاعب بديلاً لسالم الدوسري!الجوازات تحسم الجدل حول عدم المغادرة.. غرامة 1000 ريال لـ "إلغاء التأشيرة" بعد انتهاء صلاحيتها
ويأتي هذا المشروع في إطار توجه الجامعات السعودية نحو الابتكار التطبيقي الذي يواكب التحول الرقمي لرؤية المملكة 2030، ويعزز قدرة منظومة الحج والعمرة على التعامل مع التحديات الميدانية المعقدة عبر أدوات تحليل ذكية تدعم القرار في الوقت الحقيقي.
وأوضح الباحث مشعل بن عيسى الشمري أن فكرة المشروع انطلقت من الحاجة إلى تحسين تجربة ضيوف الرحمن ميدانيًا، من خلال حلول رقمية تتيح استباق الازدحامات وإدارة حركة الحشود بأسلوب أكثر دقة وسرعة وكفاءة.
وأضاف أن التطبيق يعتمد على الدمج بين تقنيات الملاحة اللحظية والتحليل التنبؤي، ليرسم خريطة تفاعلية متغيرة توضح الكثافة البشرية بدقة عالية، مع إتاحة خيارات بديلة للمسارات الآمنة في الوقت المناسب.
وبيّن أن المشروع أُنجز بالتعاون مع الباحثين الدكتور غربي الشمري، وشوق الشمري، ضمن مشاركة جامعة حائل في النسخة الخامسة والعشرين من ملتقى أبحاث الحج والعمرة والزيارة الذي تنظمه جامعة أم القرى في المدينة المنورة.
وقد شهدت فعاليات الملتقى حضورًا واسعًا من الخبراء والمهتمين بتطوير منظومة الحج، حيث شكلت الابتكارات التقنية محورًا أساسيًا في النقاشات المتعلقة بإدارة الحشود والخدمات الذكية.
ويرى القائمون على مشروع “خُطى مكة” أن المنظومة الجديدة تمثل نقلة نوعية في مفهوم التنبؤ بالحركة البشرية، عبر استخدام خوارزميات متقدمة تتعلم من أنماط السلوك الجماعي في الأماكن المزدحمة.
ويستند النظام إلى معايير علمية دقيقة تتيح له تحليل البيانات المكانية والزمنية المتغيرة، ليقدّم تصورًا لحظيًا لمستوى الازدحام المتوقع في أي موقع من المشاعر المقدسة.
ومن خلال هذه البيانات، يمكن للجهات التنظيمية التدخل مبكرًا لتوجيه مسارات الحشود أو إعادة توزيعها بما يضمن انسيابية الحركة ويحافظ على سلامة ضيوف الرحمن.
ويؤكد الباحثون أن المشروع يتكامل مع الجهود الوطنية الرامية إلى تطوير قطاع الحج والعمرة تقنيًا، من خلال حلول مبتكرة تقلل المخاطر وتزيد من جودة الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين.
وقد أشار الشمري إلى أن التطبيق لا يقتصر على الرصد فقط، بل يتضمن نظام استشعار استباقي يستند إلى الذكاء الاصطناعي، يستطيع التنبؤ بالحركة قبل حدوثها بعدة دقائق.
كما يُتيح التطبيق واجهة تفاعلية تدعم تعدد اللغات، ما يجعله أداة مثالية للتعامل مع التنوع الثقافي لضيوف الرحمن القادمين من مختلف أنحاء العالم.
وبالفعل، حظي المشروع بإشادة واسعة من المشاركين في الملتقى، الذين رأوا فيه نموذجًا عمليًا لما يمكن أن تقدمه الجامعات السعودية من حلول واقعية تخدم خطط الدولة في إدارة الحشود الكبرى.
ويرى مختصون أن تبني مثل هذه المشاريع يسهم في بناء قاعدة بيانات ضخمة يمكن الاستفادة منها لاحقًا في مجالات النقل الذكي وإدارة الفعاليات الكبرى داخل المملكة.
وقد أوضح مسؤولو جامعة حائل أن “خُطى مكة” يأتي ضمن سلسلة مبادرات بحثية تستهدف تحويل المعرفة الأكاديمية إلى منتجات تقنية قابلة للتطبيق الميداني.
ويُنتظر أن يدخل المشروع مرحلة التجريب الميداني قريبًا، بالتعاون مع عدد من الجهات المعنية بخدمة ضيوف الرحمن، لتقييم أدائه وتحسين خوارزمياته قبل اعتماده رسميًا.
ويُعد هذا الابتكار امتدادًا لمسار التحول الرقمي الذي تشهده المملكة في مختلف القطاعات، والذي جعل من الذكاء الاصطناعي أحد أعمدة التنمية المستدامة.
وبذلك تواصل جامعة حائل ترسيخ حضورها في المشهد البحثي الوطني من خلال مبادرات تخدم الإنسان والمكان، وتُترجم طموحات رؤية المملكة 2030 في مجالات التقنية والابتكار.