أطلقت وزارة العدل بالتعاون مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مبادرة جديدة تحمل اسم "عقد العمل الموثق (سند تنفيذي)"، في خطوة تهدف إلى تعزيز حماية حقوق العاملين وأصحاب العمل، وتحقيق المزيد من الكفاءة والشفافية في سوق العمل السعودي، ضمن مسار الإصلاحات التنظيمية المتسارعة في المملكة.
إقرأ ايضاً:إنزاجي يكشف سر تشكيلته المفاجئة أمام الاتحاد .. هذا اللاعب بديلاً لسالم الدوسري!الجوازات تحسم الجدل حول عدم المغادرة.. غرامة 1000 ريال لـ "إلغاء التأشيرة" بعد انتهاء صلاحيتها

تسعى هذه المبادرة إلى تمكين العامل من تحصيل أجره المستحق بسرعة وفعالية، إذ يتم منح عقد العمل الموثق صيغة تنفيذية تتيح للعامل التقدّم بطلب التنفيذ مباشرة دون الحاجة إلى إقامة دعوى قضائية، وهو ما يمثل نقلة نوعية في تسريع إجراءات العدالة العمالية وتخفيف الضغط على المحاكم.

وأوضحت المحامية لجين بنت إبراهيم مكاوي أن العقد الموثق يغطي البنود الأساسية المتعلقة بالأجر، بما في ذلك الراتب الأساسي وبدل السكن وبدل النقل والبدلات النقدية الأخرى، مما يضمن للعامل حقوقه المالية ويمنح صاحب العمل وضوحًا قانونيًا في التزاماته تجاه موظفيه.

وبيّنت أن تنفيذ نموذج عقد العمل الموحد الجديد سيكون عبر منصة "قوى" الإلكترونية، التي تُعد من أبرز المنصات الحكومية في إدارة شؤون الموارد البشرية، مشيرة إلى أن المبادرة ستُطبق على مراحل لضمان الانتقال السلس وتكامل الأنظمة بين جميع الأطراف.

وتبدأ المرحلة الأولى من تطبيق النظام في السادس من أكتوبر 2025، وتشمل العقود الجديدة والمحدثة التي تُبرم بعد هذا التاريخ، على أن يتم توثيقها إلكترونيًا وفق النموذج المعتمد في المنصة.

أما المرحلة الثانية، فستبدأ في السادس من مارس 2026، وتشمل العقود الجارية محددة المدة، وذلك لضمان شمول جميع العقود الرسمية العاملة في السوق السعودي.

بينما تم تحديد السادس من أغسطس 2026 موعدًا لانطلاق المرحلة الثالثة، التي ستشمل العقود غير محددة المدة، وبذلك تكتمل دورة التطبيق الشاملة لكافة أنواع عقود العمل في المملكة.

وأكدت مكاوي أن أحد أهم أهداف المبادرة هو ضمان صرف الأجور في مواعيدها النظامية، مشيرة إلى أنه يحق للعامل التقدّم بطلب التنفيذ إذا تأخر صاحب العمل عن صرف الأجر لأكثر من ثلاثين يومًا كاملة دون مبرر.

وأضافت أنه في حال قام صاحب العمل بسداد جزء من الأجر وتأخر في الباقي لمدة تتجاوز تسعين يومًا، يظل للعامل الحق في التقدّم بطلب التنفيذ المباشر من خلال المنصة المخصصة لذلك.

كما أوضحت أن النظام يتيح لصاحب العمل حق الاعتراض خلال فترة محددة لا تتجاوز خمسة أيام من تاريخ تقديم طلب التنفيذ، عبر منصة "ناجز" التابعة لوزارة العدل، لضمان التوازن الكامل بين حقوق الطرفين.

وترى مكاوي أن هذه الخطوة تمثل تعزيزًا واضحًا لمفهوم العدالة الوقائية، حيث يتم احتواء النزاعات قبل تصاعدها إلى مراحل التقاضي، مما يوفّر الوقت والجهد ويحقق العدالة في وقت أقصر.

كما تسهم المبادرة في رفع مستوى الالتزام والامتثال داخل سوق العمل، بما يعزز الثقة بين العامل وصاحب العمل، ويشجع على بناء علاقات مهنية قائمة على الوضوح والمسؤولية.

وتأتي هذه الجهود متماشية مع رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تعزيز العدالة الرقمية وتبسيط الإجراءات الحكومية عبر المنصات الإلكترونية، بما يخدم جودة الحياة ويحقق بيئة عمل أكثر استقرارًا واستدامة.

ويرى مراقبون أن "عقد العمل الموثق" يمثل أحد أهم التطورات القانونية في مجال العمل خلال السنوات الأخيرة، نظرًا لتأثيره المباشر على تسريع صرف المستحقات وتقليل النزاعات العمالية.

ويُتوقع أن تنعكس هذه الخطوة إيجابًا على بيئة الاستثمار في المملكة، إذ تمنح المستثمرين مزيدًا من الثقة في الإطار القانوني المنظم لعلاقات العمل وتحد من المخاطر التشغيلية.

كما يُنتظر أن تسهم المبادرة في دعم برامج التحول الرقمي الحكومي من خلال التكامل بين منصتي "قوى" و"ناجز"، ما يخلق تجربة إلكترونية متكاملة بين وزارة العدل ووزارة الموارد البشرية.

ويعتبر المراقبون أن نجاح هذه المبادرة يعتمد على التزام أصحاب المنشآت والعاملين بالتسجيل الإلكتروني للعقود والحرص على توثيقها بشكل دوري عبر المنصات الرسمية.

كما يشير خبراء القانون إلى أن الصيغة التنفيذية للعقود ستقلل من حالات التهرب من دفع الأجور أو تأخيرها، وتمنح العمال أداة نظامية فعالة لحماية حقوقهم دون الدخول في مسارات قضائية طويلة.

واختتمت المحامية لجين مكاوي تصريحها بالتأكيد على أن هذه الخطوة تُمثّل بداية جديدة لمرحلة أكثر نضجًا وعدلاً في سوق العمل السعودي، تعكس حرص القيادة على صون الحقوق وتعزيز كفاءة بيئة العمل بما يواكب التطور التشريعي والرقمي في المملكة.