تواصل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية خطواتها الحاسمة في تنظيم سوق العمالة المنزلية، حيث أعلنت رسميًا بدء المرحلة الرابعة من خدمة تحويل رواتب العمالة المساندة إلكترونيًا عبر المنصات المعتمدة، في خطوة تعكس حرصها على ضمان الحقوق وتعزيز الشفافية في العلاقة التعاقدية بين الطرفين.
إقرأ ايضاً:الجوازات تحسم الجدل حول عدم المغادرة.. غرامة 1000 ريال لـ "إلغاء التأشيرة" بعد انتهاء صلاحيتهاخمسة تمارين يومية تفي بالغرض… كيف تضمن لطفلك قامة أطول؟
وقد جاء هذا الإعلان بالتزامن مع توسع الوزارة في تطبيق الخدمة تدريجيًا منذ بداية العام الجاري، حيث شملت المراحل السابقة فئات متعددة من أصحاب العمل، لتصل الآن إلى من لديهم عاملان منزليان فأكثر، ضمن خطة مرحلية متكاملة تمهد لتعميم الخدمة بالكامل مطلع عام 2026.
وبحسب ما أوضحته الوزارة، فإن الهدف الرئيس من هذه الخطوة هو حماية حقوق العمالة وضمان انتظام صرف الرواتب، من خلال اعتماد القنوات الرسمية المعتمدة مثل المحافظ الرقمية والبنوك المشاركة، بما يعزز الثقة بين صاحب العمل والعامل.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في تنظيم العلاقة العمالية داخل المنازل، إذ لم يعد التعامل المالي يعتمد على الثقة الشخصية فقط، بل أصبح موثقًا إلكترونيًا بما يحد من النزاعات ويضمن العدالة بين الطرفين.
وبالفعل، تؤكد الوزارة أن الالتزام بتحويل الرواتب عبر القنوات الإلكترونية أصبح شرطًا أساسيًا لمواصلة الاستقدام، إذ لا يُسمح لصاحب العمل الذي لا يلتزم بالتحويل الإلكتروني باستقدام عمالة إضافية.
ويشير ذلك إلى أن الوزارة تتجه نحو تعزيز مبدأ الالتزام المالي الرسمي، في ظل رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى رفع كفاءة الخدمات وتحقيق الشفافية في جميع القطاعات.
وقد بيّنت الوزارة أن خدمة التحويل الإلكتروني عبر "مساند" ليست مجرد نظام للدفع، بل هي منظومة متكاملة توفر سجلًا موثقًا لكل عملية مالية بين العامل وصاحب العمل، ما يسهم في حل أي خلافات محتملة بسهولة.
كما أوضحت أن الخدمة تتيح أيضًا تحويل الرواتب إلى أسر العمالة في بلدانهم عبر القنوات الرسمية، ما يمنحهم راحة أكبر ويعزز الثقة في النظام السعودي كوجهة آمنة للعمل.
ويأتي هذا التطور بعد مراحل سابقة ناجحة بدأت منذ يناير 2025، حيث تم في البداية تطبيق النظام على أصحاب العمل الذين لديهم أربعة عمالة منزلية فأكثر، ثم توسع في يوليو ليشمل من لديهم ثلاثة عمالة فأكثر.
ويُنتظر أن يشمل القرار بحلول يناير 2026 جميع فئات أصحاب العمل، لتصبح عملية التحويل الإلكتروني إلزامية على كل من يوظف عاملة أو عاملًا منزليًا واحدًا على الأقل.
ويرى مختصون في قطاع الموارد البشرية أن هذه الخطوة ستقلل من حالات التأخير أو الامتناع عن دفع الأجور، كما ستمنح العمالة حماية أكبر ضمن إطار قانوني موحد وشفاف.
وفي المقابل، تتيح الخدمة لأصحاب العمل توثيق تعاملاتهم المالية بطريقة سهلة وسريعة، ما يضمن لهم سجلًا رسميًا يمكن الرجوع إليه عند الحاجة دون تعقيدات ورقية.
وبالإضافة إلى الجوانب الإجرائية، تسهم الخدمة في تعزيز صورة المملكة كدولة تطبق معايير العدالة العمالية الحديثة، وتتبنى الحلول الرقمية لتطوير سوق العمل وتحسين جودة الحياة.
وتؤكد الوزارة أن "مساند" أصبح الآن منصة محورية في هذا التحول، إذ يقدم خدمات متكاملة من الاستقدام حتى نهاية العلاقة التعاقدية، عبر واجهات رقمية سهلة الاستخدام ومتاحة للجميع.
ويشير هذا التوجه إلى أن التحول الرقمي لم يعد خيارًا بل أصبح ضرورة تنظيمية، خصوصًا في القطاعات الحساسة التي تتعامل مع شريحة كبيرة من العمالة الأجنبية.
كما تبرز أهمية هذه الخطوة في حماية سمعة سوق العمل السعودي، وإرساء بيئة آمنة تحفز على جذب العمالة المؤهلة وتضمن استدامة العلاقات التعاقدية.
وبالفعل، فإن الوزارة بمثل هذه القرارات تؤكد التزامها بتطبيق أعلى معايير الشفافية والمساءلة، بما يتماشى مع توجيهات القيادة في بناء اقتصاد متطور ومجتمع أكثر كفاءة وعدالة.
ويبدو أن "المرحلة الرابعة" ليست سوى خطوة من سلسلة إصلاحات مستمرة، تهدف في مجملها إلى بناء منظومة عمل حديثة تحفظ الحقوق وتدعم التطور التقني والإداري في المملكة.
وفي ضوء هذا التحول، ينتظر أن يلمس أصحاب العمل والعاملون على حد سواء أثر هذه القرارات قريبًا، مع ما توفره من وضوح في التعامل وطمأنينة في الحقوق وضمان في الأجور.