أطلقت هيئة المتاحف السعودية النسخة الرابعة من معرض «بينالي الجنوب الدولي للفن المعاصر – بينالسور» في المتحف السعودي للفن المعاصر بحي جاكس في الدرعية، تحت شعار «لنلعب: متاهة من الخيارات»، في خطوة تؤكد حضور المملكة المتصاعد كمحور عالمي للحوار الثقافي عبر الفنون المعاصرة.
إقرأ ايضاً:الجوازات تحسم الجدل حول عدم المغادرة.. غرامة 1000 ريال لـ "إلغاء التأشيرة" بعد انتهاء صلاحيتهاخمسة تمارين يومية تفي بالغرض… كيف تضمن لطفلك قامة أطول؟
ويمتد المعرض حتى نهاية ديسمبر 2025 بإشراف القيمة الفنية ديانا ويشلر، وبمشاركة 26 فنانًا من المملكة وعدة دول، في نسخةٍ تمثل جزءًا من احتفالات «بينالسور» بمرور عقدٍ على انطلاقته من جامعة تريس دي فبرييرو الوطنية في بوينس آيرس بدعمٍ من اليونسكو، والتي توسعت لتشمل أكثر من 70 مدينة و140 مؤسسة ثقافية حول العالم.
وتسعى النسخة السعودية إلى دعم رسالة المتحف السعودي للفن المعاصر في تمكين المواهب المحلية وتعزيز التبادل الثقافي، بما يتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030 لبناء مجتمع ثقافي مزدهر واقتصاد إبداعي مستدام.
وعاش الزوار خلال الافتتاح تجربة فنية تفاعلية جمعت بين الضوء والصوت والحركة، لتتحول قاعات المتحف إلى فضاءٍ نابضٍ بالتجارب التي تدعو للتأمل في مفاهيم الاختيار واللعب وإعادة الاكتشاف عبر أعمال تتجاوز الإطار التقليدي للفن المعاصر.
وأتاح المعرض للزوار التفاعل المباشر مع الأعمال الفنية من خلال تجارب رقمية وتركيبات بصرية وصوتية، تعكس تداخل الفنون مع التكنولوجيا وتفتح المجال أمام أنماط جديدة من التعبير الفني.
وتضمن الحدث كذلك برنامجين فنيين متكاملين، أولهما «سَفَر» الذي يشمل سلسلة من الحفلات الموسيقية العالمية تقام بين 12 نوفمبر و7 ديسمبر بمشاركة فنانين مستقلين من مختلف الدول.
ويشارك في البرنامج الموسيقي فرقة Bon Entendeur الفرنسية في 28 أكتوبر، والفنان النيجيري Keziah Jones في 12 نوفمبر، فيما يختتم الثنائي Love and Revenge الفعاليات بحفلٍ في 8 ديسمبر يعيدان خلاله تخيّل إرث أم كلثوم بأسلوب معاصر يمزج بين الموسيقى الإلكترونية والمشاهد البصرية.
أما البرنامج الثاني «منتدى» فينطلق في 2 نوفمبر ويستمر حتى 8 من الشهر ذاته، ويضم ورش عمل ودورات متقدمة وعروض أفلام تناقش موضوع «التركيز على الصورة: الأدوات، اللغة، وقوتها» بمشاركة نخبة من الفنانين والخبراء الدوليين.
ويُعد «المنتدى» مساحة لتبادل الخبرات الفنية والفكرية، حيث يناقش المشاركون دور الصورة في تشكيل الوعي المعاصر وكيف أصبحت أداة رئيسية للتأثير الثقافي والاجتماعي في العالم الحديث.
ومن خلال هذه البرامج، يعزز المتحف حضوره كمنصة وطنية للابتكار الفني ومختبر للتجارب الإبداعية، تجمع بين الفن والموسيقى والتقنية في قالب واحد يثري التجربة الثقافية السعودية.
ويأتي تنظيم المعرض ضمن جهود هيئة المتاحف لتوسيع نطاق وصول الفنون داخل المملكة، من خلال مبادرات تهدف إلى إشراك المجتمع في الفعل الثقافي وتحفيز الإبداع المحلي.
كما يسهم «بينالسور» في تسليط الضوء على الفنانين السعوديين الذين يقدمون رؤى معاصرة تتفاعل مع القضايا الإنسانية والاجتماعية في إطار عالمي يربط الثقافة المحلية بالحوار الدولي.
وأكدت هيئة المتاحف أن النسخة الرابعة تمثل امتدادًا لمسارٍ ثقافي طويل تسعى من خلاله المملكة إلى بناء جسور التواصل الفني بين الشعوب وتعزيز التفاهم عبر الفنون البصرية والمفاهيمية.
وأشار منظمو المعرض إلى أن اختيار عنوان «لنلعب: متاهة من الخيارات» يعكس روح التجريب والانفتاح على تعدد الرؤى، مؤكدين أن اللعب في هذا السياق هو وسيلة للتفكير وإعادة تصور الواقع من منظور فني جديد.
ويُنتظر أن يجذب الحدث آلاف الزوار من داخل المملكة وخارجها، خاصة مع تنوع الفعاليات المصاحبة التي تمزج بين الأداء والموسيقى والفن الرقمي، في مشهدٍ ثقافي يعكس دينامية المشهد السعودي المتنامي.
ويواكب المعرض تطلعات الشباب السعودي المهتم بالفنون المعاصرة، مقدماً لهم تجربة تعليمية وثقافية تفاعلية تسهم في تطوير مهاراتهم الإبداعية وتعزز من حضورهم في الساحة العالمية.
ويكرس المتحف السعودي للفن المعاصر من خلال هذه التظاهرة مكانته كمؤسسة رائدة في ربط الفنون العالمية بالمشهد المحلي، ومركز دائم للحوار الثقافي المفتوح بين الفنانين من مختلف الخلفيات.
وبذلك يثبت «بينالسور» في نسخته الرابعة أن الفنون المعاصرة قادرة على تجاوز الحدود الجغرافية واللغوية، لتصبح لغةً إنسانية تجمع بين الإبداع والتجربة وتعيد تعريف العلاقة بين الفنان والجمهور.