سيطر الغموض والقلق على المشهد في أعقاب المباراة التي جمعت بين فريقي الاتحاد والفيحاء ضمن منافسات الجولة الخامسة من بطولة دوري روشن للمحترفين، والتي انتهت بالتعادل الإيجابي بهدف لمثله، وهي نتيجة لم ترضِ طموحات جماهير "العميد" التي كانت تنتظر انطلاقة أقوى تحت قيادة المدرب الجديد.
إقرأ ايضاً:الجوازات تحسم الجدل حول عدم المغادرة.. غرامة 1000 ريال لـ "إلغاء التأشيرة" بعد انتهاء صلاحيتهاخمسة تمارين يومية تفي بالغرض… كيف تضمن لطفلك قامة أطول؟
وفي لقطة عكست مدى انزعاجه وعدم رضاه عن الأداء والنتيجة، حرص المدير الفني البرتغالي سيرجيو كونسيساو على عقد اجتماع "طارئ" ومباشر مع جهازه المعاون، وذلك فور انتهاء صافرة حكم المباراة، حيث رفض المدرب البرتغالي مغادرة أرضية ملعب الفيحاء، وبدأ في تقييم ما حدث بعيداً عن ضغوط المؤتمر الصحفي الروتينية.
ويشير هذا السلوك إلى أن كونسيساو أراد استغلال اللحظات الأولى التي تلي التعادل المخيب، والتي تكون فيها الملاحظات الفنية والبدنية لا تزال حاضرة بوضوح في أذهان جهازه، ليتمكن من استخلاص الدروس المستفادة والبدء فوراً في وضع الخطوط العريضة لخطة العمل التصحيحية التي يجب اتباعها في التدريبات القادمة.
جاء هذا الاجتماع في وقت تتصاعد فيه حالة من "الغضب العارم" داخل أروقة نادي الاتحاد، حيث سيطرت هذه الحالة على اللاعبين أنفسهم، عقب فشلهم في تحقيق النقاط الثلاث أمام الفيحاء، ما جعلهم يواصلون سلسلة "النتائج السلبية" وتذبذب المستوى التي عانى منها الفريق خلال الفترة الأخيرة، وهذا يزيد من حجم الضغوط.
التعادل الأخير لا يمثل مجرد خسارة نقطتين في سباق الدوري، بل يؤكد أن الفريق لا يزال يعاني من مشكلات عميقة، خصوصاً في إنهاء الهجمات واستغلال الفرص الحاسمة، لعل أبرزها إهدار ركلة الجزاء في الدقائق الأخيرة، وهو ما جعل الفريق يبتعد أكثر عن قمة جدول الترتيب ويمنح الفرصة لمنافسيه، وهذا أمر لا يغتفر على هذا المستوى.
وقد شهدت المباراة تقدم أصحاب الأرض بهدف السبق عن طريق فاشيون ساكالا، وهو الهدف الذي صعّب من مهمة الاتحاد وأربك حسابات المدرب الجديد، قبل أن يتمكن "العميد" من إدراك التعادل بصعوبة عن طريق البديل أحمد الغامدي، الذي نجح في إنقاذ نقطة وحيدة، ليؤكد أن الفريق يمتلك عمقاً فنياً في دكة البدلاء لا يمكن إغفاله.
إن حرص كونسيساو على عدم تأجيل الاجتماع إلى اليوم التالي هو مؤشر واضح على جدية المدرب في التعامل مع الأزمة، ورغبته في إرسال رسالة مباشرة للاعبين بأن مرحلة التهاون أو التراخي قد انتهت، وأن العمل الجاد والتقييم الصارم سيبدأ من "الآن وفوراً"، وهذا يتماشى مع سمعته المعروفة بالصرامة والانضباط المطلق.
والمؤكد أن النقاش الذي دار بين كونسيساو وجهازه المعاون كان حول "نقاط الضعف" التي ظهرت بوضوح في اللقاء، خصوصاً في خط الوسط وخط الهجوم الذي بدا عاجزاً عن اختراق الدفاعات المتكتلة للفريق المنافس، بالإضافة إلى الحديث عن الجانب البدني الذي أشار إليه المدرب في المؤتمر الصحفي بأنه يحتاج إلى عمل كبير ومكثف، وهذا يحدد أولويات العمل.
إن حالة الغضب التي انتابت اللاعبين أنفسهم تعتبر "عنصراً إيجابياً" في حد ذاتها، حيث تدل على عدم تقبلهم للنتائج السلبية، ورغبتهم في تقديم أداء أفضل يليق باسم الاتحاد، وهو ما قد يمنح المدرب البرتغالي "رافعة معنوية" للعمل على تعزيز هذا الشعور وتحويله إلى دافع قوي لتحقيق الانتصارات في المباريات القادمة، وهذا عامل نفسي حاسم.
من المرجح أن يكون الاجتماع قد تطرق أيضاً إلى مناقشة "الحلول التكتيكية" السريعة التي يمكن تطبيقها قبل المباراة القادمة، خصوصاً أن الوقت ضيق ولا يسمح بإجراء تغييرات جذرية، ما يوجب على الجهاز الفني التركيز على الجوانب المتاحة مثل تصحيح الأخطاء الدفاعية الفردية وتحسين عملية التحول من الدفاع إلى الهجوم بسرعة.
ويشير بقاء كونسيساو في أرضية الملعب وعقده للاجتماع الفوري، إلى أنه يضع يده مباشرة على "جذور المشكلة"، التي لا تتعلق فقط بتسديد ركلة جزاء مهدرة، بل تتجاوز ذلك إلى الأداء العام للفريق والروح القتالية المطلوبة من اللاعبين، وهو ما يتطلب معالجة نفسية وتكتيكية متوازنة، وهذا يتطلب حنكة كبيرة من المدرب.
إن مواصلة الاتحاد للنتائج السلبية يضع المدرب الجديد تحت ضغط جماهيري وإعلامي كبير، وهو ضغط تعود عليه كونسيساو خلال مسيرته التدريبية مع الأندية الأوروبية الكبيرة، لكنه يتطلب منه الآن تطبيق صرامته وحزمه على اللاعبين النجوم لضمان التزامهم الكامل بتعليماته وخططه الفنية، وهذا هو الاختبار الحقيقي.
ويبدو أن فترة التوقف الدولي القادمة ستكون هي "الفرصة الذهبية" للمدرب البرتغالي لتطبيق منهجه التدريبي بشكل كامل، والعمل على تعزيز اللياقة البدنية والانسجام التكتيكي بين اللاعبين، بعيداً عن ضغط المباريات المستمر، وهذا يمنحه الوقت الكافي لفرض أسلوبه الجديد على الفريق بشكل كامل، ما قد يغير من مسار الفريق.
الاجتماع الذي تم عقده في ملعب الفيحاء لم يكن مجرد جلسة عابرة، بل كان بمثابة "جلسة تقييم شاملة" ومحاسبة فورية، تهدف إلى وضع حد لتراجع النتائج، وإعادة توجيه اللاعبين نحو المسار الصحيح، وهذا يؤكد على أن كونسيساو لا ينوي تضييع المزيد من الوقت أو النقاط في سباق المنافسة الشرسة على اللقب، وهذا يبعث رسالة طمأنة للجمهور.