العمالة المنزلية
"السجن والترحيل" بانتظار المخالفين".. الموارد البشرية تحدد مهام العمالة المنزلية
كتب بواسطة: محمد بن سالم |

أكدت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية إطلاق حزمة متكاملة من التشريعات واللوائح والأنظمة الجديدة، التي تستهدف تنظيم قطاع العمالة المنزلية بشكل شامل وكامل، وهي خطوة محورية تهدف إلى إعادة هيكلة العلاقة التعاقدية بين أصحاب العمل والعاملين في المنازل، لتكون قائمة على أسس من العدالة والوضوح التام للحقوق والواجبات.
إقرأ ايضاً:الجوازات تحسم الجدل حول عدم المغادرة.. غرامة 1000 ريال لـ "إلغاء التأشيرة" بعد انتهاء صلاحيتهاخمسة تمارين يومية تفي بالغرض… كيف تضمن لطفلك قامة أطول؟

يأتي إصدار هذا "الدليل الإرشادي" الجديد للحقوق والالتزامات، بالإضافة إلى الإشراف التنفيذي المكثف عليها، انطلاقاً من حرص المملكة العربية السعودية على حماية حقوق جميع الأطراف المشاركة في هذه العلاقة العمالية الحساسة، وضمان بيئة عمل تتسم بالكرامة الإنسانية والاحترام المتبادل، ما يعكس التزام الدولة بالمعايير الدولية لحقوق العمال.

وقد كشفت اللائحة الجديدة عن قائمة موسعة ومتنوعة من المهن التي يسمح النظام بمزاولتها ضمن قطاع العمالة المنزلية، وهي مهن تلبي كافة احتياجات الأسر السعودية، بدءاً من المهام التقليدية المعروفة مثل "العامل المنزلي" و"السائق الخاص" و"المربية"، التي لا غنى عنها في المنازل السعودية.

وتضمنت القائمة إضافة "مهن متخصصة" جديدة تظهر التطور في متطلبات الأسر، مثل "الممرض المنزلي" و"الطباخ" و"الخياط"، إضافة إلى مهن "السفرجي" و"المباشر" وحتى "مدير المنزل"، وصولاً إلى "الحارس المنزلي" و"المساعد الشخصي" و"المزارع" و"أخصائي العلاج الطبيعي"، وهو ما يشير إلى التنوع في الخدمات المنزلية.

ولم تنسَ اللائحة أن تضيف مهنة "القهوجي المنزلي" ذات الطابع الثقافي والاجتماعي الخاص في المملكة، مع إتاحة المجال لإضافة أي مهن أخرى يمكن أن تندرج ضمن مهام العمالة المنزلية مستقبلاً، ما يعكس المرونة التشريعية وقدرة اللوائح على التكيف مع التغيرات في احتياجات سوق العمل بشكل سريع ومستمر.

ولمواكبة مسار التحول الرقمي في المملكة، وفرت الوزارة منظومة متكاملة من "الخدمات الإلكترونية" الموجهة لقطاع العمالة المنزلية، تهدف إلى تعزيز كفاءة الإجراءات وشفافيتها، وتسهيل جميع مراحل العملية التعاقدية على أصحاب العمل والمكاتب على حد سواء، وهذا يقلل من النزاعات ويوفر الوقت والجهد.

وتشمل هذه المنظومة الرقمية إنشاء منصة موحدة ومعتمدة لاستقدام العمالة، توفر خدمات شاملة تغطي جميع مراحل الاستقدام، إلى جانب خدمة "التوثيق الإلكتروني" للعقود بين مكاتب الاستقدام المحلية ونظيراتها الخارجية، ما يحد من أي تلاعب أو مخالفات محتملة في أسعار الاستقدام المتداولة في السوق غير المنظم.

كما تتيح الوزارة خدمة "التعاقد الإلكتروني الموحد" بين المكاتب وأصحاب العمل، لضمان وضوح جميع البنود والالتزامات، فضلاً عن إتاحة خدمة "رفع الشكاوى إلكترونياً" عبر قنوات رسمية ميسرة، بالإضافة إلى خدمة "التسوية الودية" للخلافات العمالية، التي تمنح الطرفين مهلة قصيرة لحل النزاع ودياً قبل الإحالة إلى المحكمة المختصة.

وشددت اللائحة الجديدة على "حقوق العامل المنزلي" التي تضمن له حياة كريمة وبيئة عمل مستقرة، حيث منعت تحميل العامل أي رسوم تتعلق بالاستقدام أو تغيير المهنة أو نقل الخدمات أو الإقامة ورخصة العمل، مع التأكيد على حقه في استلام أجره وفق العقد الموحد دون تأخير، وهذا يؤسس للعدالة المالية المطلوبة.

ونصت اللائحة بشكل واضح على حق العامل في الحصول على يوم راحة أسبوعي يتم الاتفاق عليه في العقد المبرم، وضمان ساعات راحة يومية لا تقل عن ثماني ساعات متواصلة، إلى جانب حقه في الحصول على إجازة شهر كامل مدفوعة الأجر بعد إكمال سنتين من العمل المتواصل، في حال رغبته في تجديد عقده، وهذا حق أساسي.

ومن الحقوق الجوهرية التي تضمنتها اللائحة حصول العامل على "تذكرة سفر" إلى بلده كل عامين على نفقة صاحب العمل، بالإضافة إلى "مكافأة نهاية خدمة" تعادل أجر شهر كامل عند إكمال أربع سنوات متتالية، وحقه في الحصول على إجازة مرضية تصل إلى ثلاثين يوماً في السنة بموجب تقرير طبي معتمد، وهذا يعزز من الأمان الوظيفي.

النقطة الأهم التي شددت عليها اللائحة هي حق العامل في الاحتفاظ بجميع "وثائقه الثبوتية" مثل جواز السفر والإقامة، ومنعت حجزها من قبل صاحب العمل تحت أي ظرف، ما يضمن حريته الشخصية والتنقل، ويعزز من كرامته الإنسانية بعيداً عن أي ممارسات سلبية قد تحدث نتيجة الجهل بالقانون أو استغلال حاجة العامل.

وفي المقابل، حملت اللائحة "التزامات واضحة" تقع على عاتق العامل المنزلي، أبرزها أداء العمل بنفسه وتحت إشراف صاحب العمل أو أفراد أسرته، والمحافظة على ممتلكات الأسرة وأدوات العمل، مع الامتناع التام عن أي اعتداء لفظي أو جسدي تجاه الأسرة، والحفاظ على أسرار المنزل وعدم إفشائها تحت أي مبرر.

كما أكدت اللائحة على التزام العامل بعدم ترك العمل أو العمل لحسابه الخاص أو لدى الغير دون مبرر مشروع، إضافة إلى التزامه باحترام الدين الإسلامي والأنظمة المرعية في المملكة، ومراعاة العادات والتقاليد المجتمعية وما يرتبط بها من قيم وآداب عامة، ما يضمن اندماجه السليم في المجتمع المحلي.

وبدوره، يتحمل "صاحب العمل" التزامات نظامية صارمة، أبرزها إبرام عقد عمل رسمي موحد، وتوفير مكان مناسب للسكن والطعام أو صرف بدل مادي عنهما، مع تمكين العامل من التواصل مع ذويه بشكل طبيعي، ودفع الأجر الشهري بانتظام، وتوفير الرعاية الصحية وإصدار وتجديد الإقامة على نفقته الخاصة، وهذا يؤسس للتعاقد العادل.

وشددت اللائحة على "عقوبات صارمة" بحق المخالفين من طرفي العلاقة، حيث يواجه صاحب العمل الذي يخالف الأنظمة غرامة مالية قد تصل إلى عشرين ألف ريال، وإمكانية منعه من الاستقدام لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، وقد يصل المنع إلى كونه نهائياً في بعض الحالات، مع مضاعفة العقوبة عند تكرار المخالفة، ما يفرض الانضباط.

أما العامل المنزلي المخالف، فإنه يعاقب بغرامة تصل إلى ألفي ريال، أو منعه "نهائياً" من العمل داخل المملكة، وإلزامه بتحمل تكاليف عودته إلى بلده، في حين تضمنت الأنظمة عقوبات مشددة بحق الوافدين المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل، تتراوح غراماتها بين خمسة آلاف ومئة ألف ريال، وقد تصل العقوبة إلى السجن والترحيل النهائي، وهذا ما يضبط سوق العمل بشكل كامل.

وتمتد هذه العقوبات لتشمل المواطنين أو المقيمين الذين يتسترون على العمالة المخالفة أو يشغلونها، أو يمكنون عمالتهم الخاصة من العمل لحسابهم الشخصي، وهي رسالة واضحة بأن التستر على العمالة المخالفة يعتبر جريمة تستوجب العقاب الشديد، وأن الالتزام بالأنظمة هو الضمان الأساسي لاستمرار العمل والإقامة القانونية داخل المملكة.

الأخبار الجديدة
آخر الاخبار