أعلنت الهيئة العامة للأوقاف عن خطوة تنظيمية جديدة تمثلت في إصدار لائحة لإنشاء الأوقاف أو تمويلها من خلال جمع التبرعات، وذلك في إطار سعيها لتعزيز الشفافية والحوكمة في قطاع الأوقاف داخل المملكة بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030 التي تركز على استدامة العمل الخيري وتطويره.
إقرأ ايضاً:"الإدارة العامة للمرور" تفتح باب المزاد الإلكتروني.. احصل على لوحة أحلامك دون زيارة المقراتالجمعية الفلكية بجدة تكشف لغزًا كونيًا.. نجم يتلألأ بألوان قوس قزح في السماء
وقد أكدت الهيئة أن هذه اللائحة تأتي بموجب قرار مجلس إدارتها لتكون الإطار القانوني الذي ينظم عمليات جمع التبرعات المخصصة للأوقاف، سواء لإنشاء أوقاف جديدة أو لدعم الأوقاف القائمة، بما يضمن وضوح الإجراءات أمام الجهات والأفراد الراغبين في المساهمة.
وتشير التفاصيل إلى أن اللائحة تهدف إلى تمكين عملية إنشاء الأوقاف الجديدة بطرق منظمة، وتوفير آلية قانونية لتمويل الأوقاف القائمة من خلال جمع التبرعات وفق ضوابط محددة تضمن سلامة إدارة الأموال وتحقيق أهداف الوقف التنموية.
ويُتوقع أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز الثقة لدى المتبرعين، إذ توفر اللائحة ضمانات واضحة حول كيفية استخدام الأموال وتوجيهها نحو مصارف البر والنفع العام داخل المملكة، مع الالتزام الكامل بأحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية.
وقد أوضحت الهيئة أن اللائحة تتضمن آليات واضحة لتقديم طلبات الترخيص المتعلقة بإنشاء الأوقاف عبر جمع التبرعات، بدءًا من تقديم الطلبات مرورًا بعمليات الفحص والمراجعة وحتى إصدار القرار النهائي من قبل الهيئة خلال مدد زمنية محددة مسبقًا.
كما حددت اللائحة شروطًا دقيقة لمقدمي الطلبات تشمل المعايير الشرعية والإدارية والمالية الواجب توافرها في الجهة المتقدمة، بما يضمن أن تكون عمليات جمع التبرعات ذات مصداقية وشفافية وتحظى بمتابعة دقيقة من الجهات المختصة.
وتضمنت اللائحة كذلك ضوابط تتعلق بالمصارف الوقفية، حيث حددت بوضوح أوجه الصرف المسموح بها، ومنعت استخدام الأموال في غير الأغراض التي تم جمعها من أجلها، مما يعزز مبدأ الأمانة في إدارة موارد الوقف.
وقد أشارت الهيئة إلى أن من بين أبرز بنود اللائحة إلزام المرخص لهم بفتح حساب بنكي مخصص لكل عملية جمع تبرعات، بحيث يمكن تتبع حركة الأموال بسهولة، وضمان عدم اختلاطها مع أي موارد أخرى تخص الجهة القائمة على الوقف.
ويرى مختصون أن هذا الشرط يعد تحولًا نوعيًا في إدارة التبرعات الوقفية، لأنه يعزز الشفافية ويتيح للهيئة متابعة التدفقات المالية بدقة، كما يمنح المتبرعين ثقة أكبر في أن مساهماتهم تصل إلى وجهتها الصحيحة دون تجاوزات.
وبحسب ما أوضحته الهيئة، فإن اللائحة تلزم المرخص لهم بتقديم تقارير دورية حول جميع العمليات المالية والإدارية ذات الصلة بعملية جمع التبرعات، مع ضرورة توثيق كل خطوة لضمان الرقابة المستمرة على أداء الجهات المصرح لها.
وقد منحت الهيئة نفسها الصلاحية لإصدار شهادة إنجاز بعد التحقق من استيفاء شروط الصرف في إنشاء الأوقاف وتنفيذ الأغراض المحددة مسبقًا، وهو ما يمنح الجهات المرخصة ختمًا رسميًا يعزز مصداقيتها أمام المجتمع والمتبرعين.
ويأتي هذا التنظيم في وقت تشهد فيه المملكة توسعًا متزايدًا في مشروعات الأوقاف التنموية، حيث تُعد الأوقاف أحد أهم أدوات التنمية المستدامة التي تسهم في دعم التعليم والصحة والعمل الاجتماعي ضمن إطار منظم.
وبالفعل، يرى مراقبون أن هذه اللائحة ستسهم في ضبط بيئة العمل الوقفي، وتمنع أي تجاوزات محتملة في جمع التبرعات أو صرفها، كما ستدعم مبادئ الحوكمة والشفافية التي تشكل ركائز أساسية في منظومة العمل الخيري الوطني.
وتسعى الهيئة من خلال هذه الخطوة إلى ترسيخ ثقافة التبرع المؤسسي بدلاً من العشوائية السابقة، عبر آليات دقيقة تضمن توجيه الموارد إلى مشروعات ذات أثر واضح ومستدام على المجتمع السعودي.
ويؤكد خبراء في المجال أن وجود هذه اللائحة سيشكل مرجعًا موحدًا لجميع الجهات الوقفية، سواء كانت مؤسسات كبيرة أو مبادرات مجتمعية صغيرة، مما يسهم في تنظيم القطاع وتحقيق التكامل بين الجهات الحكومية والأهلية.
ومن جانب آخر، أشار بعض المهتمين إلى أن هذه اللائحة قد تفتح الباب أمام مبادرات نوعية في مجالات مثل التقنية والتعليم والرعاية الاجتماعية، حيث يمكن للأوقاف أن تلعب دورًا أكبر في تمويل مشاريع استراتيجية طويلة الأمد.
وتدعو الهيئة جميع المهتمين إلى الاطلاع على اللائحة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، مؤكدة أن الباب مفتوح أمام الجهات والأفراد لتقديم طلبات الترخيص بعد استيفاء المتطلبات النظامية اللازمة.
ويعكس هذا التحرك التزام الهيئة العامة للأوقاف بتعزيز بيئة العمل الخيري في المملكة، وضمان أن يكون كل ريال يتم جمعه عبر التبرعات موجهاً نحو تحقيق التنمية والبر العام بما يتسق مع تطلعات المجتمع ورؤية القيادة الحكيمة.
وتختتم الهيئة دعوتها بالتأكيد على أن هذه اللائحة ليست مجرد تنظيم إداري، بل هي نقلة نوعية تهدف إلى بناء الثقة بين المتبرع والجهة المنفذة، وترسيخ مفهوم الأوقاف كأداة فعالة لتحقيق التنمية المستدامة في المملكة.