تشهد سماء المملكة العربية السعودية قبل فجر يوم غد ظاهرة فلكية مميزة يتمثل ظهور نجم الشِّعْرَى اليَمانِيَّة بألوان متلألئة يمكن مشاهدتها بالعين المجردة، حيث يُعد هذا النجم من ألمع النجوم في نصف الكرة الأرضية الشمالي، ويأسر أنظار هواة الفلك والمهتمين برصد السماء.
إقرأ ايضاً:المدني يكشف تفاصيل حادث غامض داخل مرفق تعليمي .. لحظات حاسمة قبل السيطرة!"الإدارة العامة للمرور" تفتح باب المزاد الإلكتروني.. احصل على لوحة أحلامك دون زيارة المقرات
يظهر نجم الشِّعْرَى اليَمانِيَّة بوضوح خلال فصلي الخريف والشتاء، وهو يشرق حاليًا بعد منتصف الليل فوق الأفق الجنوبي الشرقي، ويُعتبر موقعه سهلاً في التعرف عليه بالاستعانة بنجوم حزام الجبار الثلاثة الشهيرة.
أكد المهندس ماجد أبو زاهرة، رئيس الجمعية الفلكية بجدة، أن الظاهرة التي ترافق ظهور هذا النجم تعرف علميًا باسم وميض النجوم، حيث تكون أكثر وضوحًا مع النجوم اللامعة مثل الشِّعْرَى، بينما تظهر النجوم الأقل لمعانًا بألوان بيضاء ثابتة دون تشتت.
أوضح أبو زاهرة أن الشِّعْرَى يبدو وكأنه يومض بألوان قوس قزح حين يكون قريبًا من الأفق، نتيجة انكسار ضوء النجم عبر الغلاف الجوي للأرض، حيث تتسبب اختلافات كثافة ودرجة حرارة الهواء في تفريق الأطوال الموجية الضوئية المكوّنة للضوء الأبيض.
وأشار إلى أن تأثير الغلاف الجوي يتلاشى تدريجيًا مع ارتفاع النجم في السماء قبل الفجر أو في أمسيات الشتاء، فتبدو ألوانه متحدة في ضوء أبيض صافٍ دون التشتت اللوني الذي يميز ظهوره قرب الأفق.
وبيّن أن الشِّعْرَى ليس مجرد نجم منفرد، بل هو نظام نجمي ثنائي يضم الشِّعْرَى (A) اللامع ورفيقه القزم الأبيض الشِّعْرَى (B)، الذي لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، ويبعد النجم عن الأرض حوالي 8.6 سنوات ضوئية.
يتمتع نجم الشِّعْرَى بشدة سطوع ظاهري تصل إلى (–1.46)، مما يجعله ألمع نجوم السماء ليلاً، ويحظى بمكانة خاصة بين علماء الفلك وهواة رصد النجوم.
أضاف أبو زاهرة أن للنجم أهمية تاريخية قديمة، حيث كان يُستخدم قديماً من قبل المصريين القدماء لتحديد موعد فيضان نهر النيل، ما يعكس ارتباطه بالزراعة وحياة الشعوب القديمة.
ويُعتبر الشِّعْرَى أيضًا دليلاً فلكيًا رئيسيًا لتحديد مواقع الأبراج المجاورة، مثل برج الجبار (الجوزاء)، في خريطة السماء الشتوية، ما يجعله علامة هامة في علم الفلك التقليدي.
تُعد ظاهرة وميض نجم الشِّعْرَى من الظواهر التي تشهد عليها السماء بانتظام خلال مواسم معينة، وتوفر تجربة بصرية مدهشة لمرتادي الأماكن المفتوحة والمهتمين بالتعرف على أسرار الكون.
تؤكد هذه الظاهرة التفاعل المعقد بين الضوء والجو الأرضي، حيث تلعب طبقات الغلاف الجوي دورًا رئيسيًا في تشويه وتلوين أشعة النجوم، وهو ما يجعل الرصد الأرضي تحديًا يضاف إلى جمال السماء.
تشهد مناطق المملكة الخالية من التلوث الضوئي مثل الصحارى والمرتفعات وضوحًا أكبر في مشاهدة هذا النجم اللامع وألوان وميضه، مما يعزز النشاط الفلكي والترويحي في هذه المواقع.
تشجع الجمعيات الفلكية المحلية المهتمين على متابعة هذا الحدث من خلال استخدام التلسكوبات والمعدات البصرية المناسبة لتعميق الفهم واستكشاف تفاصيل النظام النجمي.
تأتي هذه الظاهرة ضمن سلسلة من الأحداث الفلكية التي يمكن مراقبتها بانتظام وتساهم في زيادة الوعي العلمي بأهمية الفلك في الحياة اليومية، وتثري الثقافة العامة بالمعلومات الفضائية.
تتيح متابعة النجوم مثل الشِّعْرَى فرصة للباحثين الهواة والمحترفين لفهم ظواهر مثل انكسار الضوء وتشتته، كما تعزز من ارتباط الإنسان بالكون من حوله عبر روعة المشاهد الطبيعية.
وتُعد رؤية وميض النجوم أيضًا مصدر إلهام للفنانين والشعراء الذين استلهموا من السماء ألوانها المتغيرة وجمالها المتلألئ في سرد قصص وأساطير قديمة وحديثة.
تعمل هذه الظواهر الفلكية على تعزيز السياحة الفلكية في المملكة، حيث تجذب الزوار من مختلف المناطق للاستمتاع بمشاهدة السماء الصافية والنجوم البراقة في أجواء خالية من التلوث.
تشير الدراسات الفلكية إلى أن استمرار رصد وميض النجوم ونجم الشِّعْرَى يعزز مكانة المملكة في المشهد العلمي العالمي، ويحفز جهود البحث والتطوير في علوم الفضاء والفلك.