يواصل البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري جهوده الميدانية المكثفة لضمان التزام الأنشطة الاقتصادية بالأنظمة المعمول بها، إذ نفّذ مؤخرًا أكثر من ألفين وثلاثمئة وخمس زيارات تفتيشية استهدفت أسواق النفع العام المخصصة لبيع الخضار والفواكه في مختلف مناطق المملكة.
إقرأ ايضاً:"قناة السعودية" تنقل تحذيراً صادماً من د. محمد الأحمدي.. هذا النوع من الدهون يهدد حياتك بصمت!"المركز الوطني للأرصاد" يكشف عن مفاجأة الطقس اليوم.. من السودة الباردة إلى ينبع الحارقة!
وتهدف هذه الزيارات إلى التحقق من مدى التزام المنشآت التجارية بأحكام نظام مكافحة التستر، والتأكد من أن الأنشطة تُدار من قبل مواطنين أو كيانات نظامية مرخصة دون وجود ممارسات خفية تدل على تمكين غير السعوديين من العمل لحسابهم بطرق غير نظامية.
وكشف البرنامج أن الجولات أسفرت عن ضبط خمسٍ وستين شبهة تستر تجاري تم رصدها بناءً على دلائل ومؤشرات ميدانية دقيقة، ليتم إحالة تلك الحالات إلى الجهات المختصة لاستكمال إجراءات التحقق النظامية وتطبيق العقوبات المقررة.
ويؤكد البرنامج أن التعامل مع جرائم التستر التجاري يتم وفق آليات قانونية صارمة تراعي الشفافية والعدالة، حيث تُراجع الأدلة ويُستدعى أطراف القضايا لضمان توثيق المخالفات والتحقق من صحتها قبل إحالتها إلى القضاء المختص.
وتأتي هذه الحملة ضمن سلسلة من الإجراءات الرقابية المستمرة التي تنفذها الجهات الحكومية ضمن خطة وطنية شاملة تستهدف تعزيز البيئة التجارية وحماية السوق المحلي من الممارسات غير النظامية التي تضر بالمنافسة العادلة.
ويعتمد البرنامج الوطني لمكافحة التستر على استخدام مؤشرات الاشتباه والتحليل الذكي للبيانات لتحديد المواقع والأنشطة الأكثر عرضة لجرائم التستر، مما يسهم في توجيه الجهود الرقابية بكفاءة عالية وتحقيق نتائج ملموسة.
كما يعمل البرنامج على تكثيف التعاون مع الجهات الحكومية الشريكة مثل وزارة التجارة ووزارة الموارد البشرية والجهات الأمنية، لضمان التكامل في تبادل المعلومات وتنفيذ الحملات الميدانية المشتركة في جميع مناطق المملكة.
ويُعد قطاع أسواق النفع العام أحد أكثر القطاعات التي تستهدفها الجولات التفتيشية، نظرًا لتعدد الأنشطة الصغيرة فيه واعتماده الكبير على العمالة الوافدة، ما يجعله بيئة محتملة لظهور بعض الممارسات المخالفة.
وتسعى هذه الجهود إلى رفع مستوى الوعي لدى أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة بأهمية تصحيح أوضاعهم، والتعاون مع الجهات المختصة لضمان استمرار أعمالهم في بيئة نظامية ومستقرة تحقق لهم النمو المستدام.
ويرى مراقبون أن استمرار هذه الحملات يعكس جدية الدولة في مواجهة التستر التجاري الذي يُعد من أبرز التحديات أمام نمو الاقتصاد الوطني، لما يسببه من خسائر مالية ويؤثر سلبًا على فرص العمل للمواطنين.
كما تأتي هذه الخطوات في إطار رؤية السعودية عشرين ثلاثين التي تركز على بناء اقتصاد متنوع وشفاف، وتعمل على تمكين الكفاءات الوطنية ودعم ريادة الأعمال وتحفيز بيئة استثمارية نزيهة وجاذبة للمستثمرين.
ويشدد البرنامج على أن مكافحة التستر لا تقتصر على الضبط والعقوبة فقط، بل تشمل أيضًا جوانب التوعية والتصحيح، حيث أُطلقت مبادرات لتشجيع المنشآت على تصحيح أوضاعها طوعًا قبل تطبيق الإجراءات النظامية.
وتتيح مبادرة التصحيح التجاري لأصحاب الأنشطة التجارية فرصة لمعالجة المخالفات والإفصاح عن الشراكات المخفية، بما يسهم في تحويل الكيانات المخالفة إلى كيانات نظامية قادرة على المنافسة والاستمرار في السوق.
كما ينفذ البرنامج حملات توعوية موجهة للتجار والمستهلكين على حد سواء، لتوضيح مخاطر التستر وأثره على الاقتصاد الوطني، وحث الجميع على الإبلاغ عن أي ممارسات مشبوهة عبر القنوات الرسمية المخصصة لذلك.
ويستند البرنامج في عمله إلى نهج استباقي يعتمد على التحليل الميداني والرقابة الذكية، حيث يتم جمع المعلومات من مختلف الجهات وربطها بأنظمة إلكترونية متطورة لاكتشاف الأنشطة التي يُحتمل أن تشهد حالات تستر.
وتؤكد الجهات المختصة أن مكافحة التستر التجاري تُسهم بشكل مباشر في تعزيز النزاهة الاقتصادية، وتحسين كفاءة الأسواق المحلية، ورفع معدلات التوظيف للمواطنين في قطاعات كانت تعاني من منافسة غير عادلة.
ويعكس تكرار الجولات الرقابية في أسواق النفع العام التزام البرنامج الوطني بمواصلة جهوده دون توقف، لضمان بيئة اقتصادية قائمة على الشفافية والامتثال وتحقيق العدالة التجارية بين جميع الأطراف.
ومع استمرار هذه الحملات الميدانية، تتجه المملكة نحو ترسيخ ثقافة تجارية قائمة على المسؤولية النظامية والوعي الاقتصادي، بما يعزز ثقة المستثمرين ويدعم مسيرة التحول الاقتصادي الوطني الطموح.