شهدت الساحة الاقتصادية والاستثمارية في المملكة العربية السعودية إطلاق مشروع "أفياجين العربية" العملاق، الذي يمثل خطوة نوعية ومحورية في تعزيز قطاع الأمن الغذائي، حيث تم تدشين هذا المشروع باستثمار ضخم يتجاوز حاجز المئتي مليون دولار أمريكي، وهو ما يؤكد على الثقة الكبيرة في البيئة الاستثمارية بالمملكة.
إقرأ ايضاً:ستة أشهر لفصل العامل المنزلي آليًا.. إجراءات جديدة من الجوازات لضبط سوق العمالة المنزلية في المملكةالغذاء والدواء تحذر .. هذا الخطأ الشائع في الشراء الإلكتروني يعرضك لمخاطر كبيرة!

لم يأتِ هذا المشروع من فراغ، بل جاء مدعوماً وميسّراً من جهتين حكوميتين رئيسيتين، وهما وزارة الاستثمار التي قدمت الدعم اللوجستي والتنظيمي الكبير، ووزارة البيئة والمياه والزراعة التي أشرفت على الجوانب القطاعية والفنية، وهو ما يضمن تكاملاً حكومياً يدفع نحو نجاح هذا الاستثمار الاستراتيجي.

ويُعد "أفياجين العربية" واحداً من أكبر مشاريع الإنتاج العالمي التي تقيمها الشركة الأم في المملكة، حيث يهدف إلى ترسيخ مكانة السعودية كمركز إقليمي لإنتاج وتوزيع "جدود الدواجن"، الأمر الذي سيعزز بشكل غير مسبوق من الأمن الغذائي والحيوي للدولة، ويقلل من الاعتماد على سلاسل الإمداد الخارجية المعرضة للتقلبات، وهذا هو الهدف الاستراتيجي الأهم.

ويتمثل الهدف الأساسي والجوهرى للمشروع في توطين صناعة "جدود الدواجن" بشكل كامل داخل الأراضي السعودية، وهي حلقة الإنتاج الأكثر أهمية وحساسية في سلسلة إمدادات قطاع الدواجن، حيث أن توطين هذه الصناعة سيضمن استدامة سلاسل الإمداد المحلية بعيداً عن أي اضطرابات عالمية محتملة، وهذا يعكس بعد نظر في التخطيط.

تتماشى هذه المبادرة الاستثمارية العملاقة بشكل وثيق ومباشر مع مستهدفات "رؤية السعودية 2030"، التي تولي الأمن الغذائي أهمية قصوى، وتعمل على تعزيز الاكتفاء الذاتي في العديد من المنتجات الأساسية، ما يجعل المشروع أداة رئيسية لتحقيق الاستدامة الاقتصادية والغذائية للمملكة في السنوات القادمة، وهذا يبرز أهميته الوطنية.

ويستهدف المشروع إنشاء منظومة متكاملة وغير مسبوقة في قطاع الدواجن، تشتمل على مرافق إنتاجية وبنية تحتية متطورة، بدءاً من "مزارع الجدّات (GP)" عالية التقنية، والتي تُعد نواة الإنتاج، وصولاً إلى المرافق المساندة التي تضمن سير العمل بكفاءة مطلقة، وهذا يؤسس لمرحلة إنتاجية جديدة.

وتشمل هذه المنظومة المتكاملة منشآت حيوية أخرى ضرورية لسلسلة الإنتاج، منها "فقاسة مركزية" ضخمة لضمان عمليات التفقيس في بيئة معقمة ومراقبة بشكل دقيق، بالإضافة إلى إنشاء "مصنع أعلاف" خاص بالمشروع، ما يضمن التحكم الكامل في جودة وتكاليف تغذية الدواجن ويحقق الاكتفاء الداخلي لهذه الاحتياجات، وهذا يقلل من المخاطر.

كما تتضمن المرافق المساندة إنشاء "مختبر متخصص" مزود بأحدث التقنيات العالمية، يهدف إلى مراقبة الجودة والسلامة الصحية للدواجن بشكل مستمر، ويضمن تطبيق أعلى المعايير الصحية والبيولوجية، للحد من مخاطر الأمراض الوبائية وضمان سلامة المنتج النهائي للمستهلك السعودي، وهذا يرفع من مستويات الأمن الحيوي بشكل غير مسبوق.

تتجه خطة المشروع المستقبلية نحو التوسع المستمر، حيث يخطط "أفياجين العربية" لإنشاء مزارع "أمهات الجدود" في مواقع متعددة ومناطق مختلفة من المملكة، وهذا يهدف إلى توزيع المخاطر الجغرافية والبيولوجية، وضمان مرونة سلسلة الإمداد في كافة الظروف والأحوال، وهذا يؤكد على التخطيط الاستراتيجي المستقبلي.

وتم تحديد الطاقة الإنتاجية المستهدفة للمشروع بأرقام ضخمة تعكس حجم الطموح، حيث من المقرر أن تصل الطاقة الإنتاجية السنوية إلى خمسة عشر مليون صوص من فئة "الأمهات (PS)"، وهي أعداد هائلة كفيلة بتغطية جزء كبير من احتياجات السوق المحلية والإقليمية، وتخفيف الضغط على شركات الإنتاج المحلية الأخرى، وهذا هو مفتاح الاكتفاء الذاتي.

الأمر الأكثر أهمية هو أن هذه الطاقة الإنتاجية الضخمة قابلة للتوسع والزيادة الفورية وفقاً لاحتياجات السوق المحلية والإقليمية المستقبلية، ما يمنح المشروع مرونة كبيرة في الاستجابة للطلب المتنامي، ويجعله مصدراً موثوقاً للإمداد في جميع الأوقات، وهذا يطمئن المستثمرين ويجذب رؤوس الأموال الجديدة.