كشف فريق بحثي من معهد ماكس بلانك لعلوم الأنثروبولوجيا في ألمانيا عن أسباب بيولوجية وتطورية تفسر ظاهرة تفوق متوسط عمر النساء على الرجال حول العالم، وجاء في نتائج الدراسة التي نشرتها دورية Science Advances أن الفجوة العمرية بين الجنسين لا تزال قائمة رغم تقدم الطب وتحسن مستويات المعيشة، حيث تبين أن هذا التفوق يعود إلى تركيب الكروموسومات لدى الإناث وارتباطه بزيادة الحصانة الجينية ضد الطفرات الوراثية الضارة بحسب الفريق العلمي الدولي الذي قاد الدراسة، وأشار الباحثون إلى أن ظاهرة طول أعمار النساء ممتدة عبر التاريخ البشري ومعظم الثدييات، بينما يظل التفاوت قائمًا في أنواع الحيوانات الأخرى.
إقرأ ايضاً:المرور السعودي يطلق "خدمة أبشر الجديدة".. 5 خطوات للاستعلام عن معلومات المركبة المحجوزةالموارد البشرية تفاجئ المستفيدين بفرصة استثنائية .. خطوة واحدة تغيّر قرار رفضك نهائيًا
فرضية الكروموسومين تفتح لغز الشيخوخة
اعتمدت الدراسة نظرية "الجنس غير المتجانس" التي أرجعت ظاهرة تفوق عمر الأنثى إلى امتلاكها كروموسومين X، ما يمنحها حماية أكبر من الأمراض الوراثية مقارنة بالذكور الذين يمتلكون كروموسوم X واحد وآخر Y، ووجد العلماء أن هذه الميزة تفسر جزئيًا سر تفوق أعمار الإناث لدى نحو 72% من أنواع الثدييات المدروسة، حيث بلغت نسبة التفوق بمعدل 12% في المتوسط لصالح الإناث، فيما انعكست الظاهرة لدى الطيور وبعض الزواحف لصالح الذكور، ويرى الباحثون أن أسبابًا أخرى مثل استراتيجية التزاوج وضغوط الانتقاء الطبيعي تلعب دورًا في هذا التباين البيولوجي بين الكائنات.
تحليل بيانات واسعة يؤكد النتائج ويحسم الفرضيات
استند الفريق البحثي إلى تحليل بيانات أكثر من 1176 نوعًا من الثدييات والطيور من حدائق الحيوان بمختلف أنحاء العالم، وأظهرت النتائج أن التفوق العمري لصالح الإناث ليس مطلقًا، فقد لوحظ وجود استثناءات لدى بعض الفصائل مثل الطيور الجارحة حيث تكون الإناث أضخم جسديًا وأطول عمرًا أحيانًا، كما دُعِّمت النتائج بوجود علاقة بين التنافس على التزاوج وطول العمر، حيث يلاحظ أن الذكور قصيرة العمر غالبًا في المجتمعات الحيوانية التي تتسم بتزايد حدة المنافسة بين الذكور لجذب الإناث.
رعاية الصغار وتطور المجتمعات عاملان حاسمان
توصلت الدراسة إلى أن عناية الأنثى بالصغار قد تكون من العوامل الحاسمة في طول عمرها، حيث تستثمر الأنثى جهدًا مضاعفًا في التربية ورعاية الصغار لدى معظم أنواع الثدييات، ويمنح ذلك ميزة تطورية هامة تتيح للأنثى البقاء لفترة أطول حتى تصبح صغارها قادرة على الاعتماد على الذات، كما رصدت النتائج تقارب الفجوة العمرية في ظل ظروف معيشية محمية مثل حدائق الحيوان أو المجتمعات الإنسانية المتطورة، إلا أن ذلك لم يقضِ تمامًا على تفوق أعمار النساء.
استمرار الظاهرة وتوقعات المستقبل العلمي
خلص الباحثون إلى أن الفجوة العمرية بين الذكور والإناث ستستمر على الأرجح في المستقبل كبصمة متجذرة في مسار التطور، مؤكدين أن العوامل البيئية ونمط الحياة يساهمان في تقليل الفارق دون القضاء عليه، ويؤكد فريق الدراسة الألماني أن فهم هذه الآليات قد يدعم الجهود المستقبلية لتحسين الصحة وطول الأعمار لدى الجنسين من خلال تسليط الضوء على الفروق البيولوجية الكامنة.