واصل الذهب صعوده اليوم الثلاثاء، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ نحو ثلاثة أسابيع، مدفوعًا بتوقعات متزايدة حول احتمال قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي بخفض آخر في أسعار الفائدة خلال ديسمبر، مما عزز الإقبال على المعدن النفيس كملاذ آمن للاستثمار.
إقرأ ايضاً:الهلال يحسم الأمر .. مراقبة دقيقة لهوساوي قبل الصفقة المنتظرة!أرقام صادمة: حرب الشائعات الرقمية.. كيف تصدت منصة إكس للحسابات المشبوهة؟
وسجل سعر الذهب في المعاملات الفورية ارتفاعًا بنسبة 0.4 في المئة ليصل إلى 4131.83 دولار للأوقية، وهو أعلى مستوى له منذ 24 أكتوبر الماضي، في حين زادت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر بنفس النسبة لتسجل 4138.70 دولار للأوقية، في حركة تعكس التفاؤل الحذر في الأسواق.
وتأتي هذه المكاسب وسط بيانات اقتصادية أمريكية أظهرت فقدان الاقتصاد الأمريكي لوظائف في أكتوبر، مع تراجع التوظيف بشكل خاص في قطاعي الحكومة والتجزئة، ما يعكس تباطؤًا في نشاط سوق العمل وتأثيره على مؤشرات النمو الاقتصادي.
وبحسب وكالة رويترز، تشير أداة "فيد ووتش" التابعة لمجموعة سي.إم.إي إلى توقع المتعاملين بنسبة 64 بالمئة بأن يقوم البنك المركزي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الشهر المقبل، في ظل استمرار تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي.
ويُعتبر خفض أسعار الفائدة محفزًا لدعم أسعار الذهب، إذ يقلل تكلفة الفرصة البديلة لاقتناء المعدن النفيس مقارنة بالاستثمارات الأخرى ذات العائد الثابت، ويزيد الإقبال عليه كأداة تحوط ضد التضخم وضعف الدولار.
وكان عضو مجلس الاحتياطي الاتحادي ستيفن ميران قد أشار أمس إلى أن خفضًا بمقدار 50 نقطة أساس سيكون مناسبًا في ديسمبر، معتبراً أن تراجع التضخم وارتفاع معدل البطالة يوفّران البيئة الملائمة لتخفيف السياسة النقدية.
ويؤكد هذا التصريح توجه البنك المركزي نحو تبني سياسات أكثر مرونة لدعم النمو الاقتصادي، في الوقت الذي تبحث فيه الأسواق عن مؤشرات واضحة حول وتيرة خفض الفائدة المستقبلية وتأثيرها على المعدن النفيس.
وأشار المحللون إلى أن استمرار ضعف البيانات الاقتصادية الأمريكية يعزز فرص بقاء أسعار الذهب عند مستويات مرتفعة، خاصة مع تراجع جاذبية الأصول ذات العائد الثابت في ظل خفض الفائدة المرتقب.
ويأتي صعود الذهب في وقت يشهد فيه الدولار الأمريكي تذبذبًا مقابل العملات الرئيسية، حيث أن أي تراجع في قيمة الدولار يعزز جاذبية الذهب للمستثمرين الدوليين ويحفز عمليات الشراء.
كما أن المخاطر الجيوسياسية وعدم اليقين في الأسواق المالية العالمية ساهمت في زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن، مع تزايد المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي وتأثيره على أسواق السلع الأخرى.
وبالنظر إلى مستويات الأسعار الحالية، يرى محللون أن الذهب قد يواصل صعوده على المدى القريب إذا استمرت التوقعات حول خفض الفائدة وتراجع التضخم الأمريكي، مع احتمالية اختبار مستويات المقاومة السابقة حول 4150 دولار للأوقية.
وتشير التحليلات الفنية إلى أن الدعم الرئيسي للذهب يقع عند مستوى 4100 دولار للأوقية، مما يوفر هامشًا آمنًا للمستثمرين الذين يسعون للاستفادة من الاتجاه الصاعد الحالي، مع مراقبة بيانات التضخم والعمالة الأمريكية عن كثب.
ويظل الذهب محط أنظار المستثمرين كأداة تحوطية في ظل بيئة اقتصادية غير مستقرة، حيث تستمر المخاوف من تباطؤ النمو العالمي وارتفاع معدلات البطالة في تعزيز الطلب على المعدن النفيس.
ويرى خبراء السوق أن أي مؤشرات على استمرار ضعف النشاط الاقتصادي الأمريكي أو تراجع التضخم بشكل أكبر ستزيد من احتمالات تنفيذ خفض جديد في أسعار الفائدة، وهو ما سيدعم أسعار الذهب على المدى المتوسط.
كما أن ارتفاع التوقعات بخفض الفائدة يعزز السيولة في الأسواق المالية، ويخلق بيئة إيجابية للاستثمار في الذهب كأصل آمن، خاصة في ظل حالة عدم اليقين التي تسيطر على أسواق الأسهم والسندات.
وتؤكد بيانات الأسبوع الماضي أن الذهب نجح في استعادة جزء من مكاسبه بعد تذبذبات الشهر الماضي، ما يعكس قدرة المعدن على الصمود أمام الضغوط الاقتصادية والسياسية العالمية.
ويظل الترقب سيد الموقف بين المستثمرين حيال قرارات الاحتياطي الاتحادي الأمريكية المقبلة، مع التركيز على مؤشرات التضخم ومعدلات البطالة التي ستحدد توجهات السياسة النقدية وتأثيرها على أسعار الذهب.