نجح مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في تسجيل إنجاز طبي نوعي بعد إتمام تدخل جراحي معقد لإنقاذ حياة مريض خمسيني، عقب تعرضه لتمزق خطير في الشريان الأورطي الصدري، وهي حالة فطريّة نادرة تمثل أحد أعلى معدلات الخطورة في جراحات الأوعية الكبرى.
إقرأ ايضاً:"وزارة التجارة" تفجرها: إبعاد مقيم بنجلاديشي من المملكة.. إليك السر الذي كشف جريمة التسترالتعليم توجه ضربة غير متوقعة .. تفاصيل البث الدراسي الذي يغيّر روتين الطلاب
ووصل المريض إلى المستشفى وهو في وضع حرج للغاية نتيجة تمدد وعائي متمزق أدى إلى نزيف داخلي محتمل، ما رفع مؤشر الخطر إلى نسبة تتجاوز التسعين بالمائة في حال تأخر التدخل الطبي، الأمر الذي استدعى استنفارًا طبيًا عاجلًا وتشكيل فريق متعدد التخصصات لتقييم الحالة.
وشارك في الخطة العلاجية فريق جراحة الأوعية وجراحة القلب والصدر والعناية المركزة، حيث تقرر إجراء عملية فورية لتثبيت الشريان وإعادة بنائه، في وقت كان المريض يواجه تدهورًا سريعًا في العلامات الحيوية نتيجة النزيف الناتج عن التمزق.
واتجه الأطباء لاختيار طُعم بيولوجي مشتق من غشاء التامور البقري بهدف استبدال الجزء المتضرر من الشريان، وهو خيار غير تقليدي في مثل هذه الحالات لكنه يحمل مزايا عالية عند وجود عدوى نشطة في جدار الوعاء الدموي تمنع استخدام الطعوم الصناعية.
وجاء اختيار الطُعم البيولوجي استنادًا إلى قدرته على مقاومة البكتيريا ومرونته العالية، إضافة إلى توافقه الحيوي مع أنسجة الجسم، ما يمنح الجراحين إمكانية تشكيله بدقة حول المنطقة المتمزقة وبناء دعم إنشائي أقوى للشريان.
ويعد تنفيذ هذا النوع من العمليات باستخدام التامور البقري خطوة تُطبق للمرة الأولى على مستوى الشرق الأوسط، ما يعكس نمو الخبرات الجراحية داخل المملكة وتوسع تطبيقاتها في علاج الأمراض الوعائية المعقدة.
وخلال العملية تمكن الفريق الطبي من إعادة بناء الجدار الوعائي بإحكام دقيق عبر تشكيل الطُعم حول الشريان بطريقة تمنع التسريب وتقلل احتمالات الانفصال اللاحق، وهي عوامل حاسمة لضمان استقرار الدورة الدموية ومنع تكرار التمزق.
وأظهرت القياسات الحيوية بعد الجراحة تحسنًا ملحوظًا في حالة المريض، حيث استعاد ضغط الدم توازنه تدريجيًا بفضل نجاح عملية ترميم الشريان وعودة تدفق الدم إلى مستوياته الطبيعية دون مؤشرات على اضطراب الدوران.
كما أكدت الفحوصات الشعاعية اللاحقة ثبات الطُعم البيولوجي في موقعه دون أي تسريب أو ارتداد، وهو مؤشر إيجابي يعكس دقة التقنية المستخدمة في إعادة بناء المنطقة المصابة ونجاح الخطة العلاجية بالكامل.
وتبيّن أيضًا خلو المنطقة الجراحية من أي نشاط بكتيري بعد العملية، ما يعزز القيمة السريرية لاستخدام الطعوم البيولوجية في الحالات التي تتداخل فيها العدوى مع التمددات الوعائية خاصة عندما تتطلب الجراحة استبدال أجزاء حساسة من الشريان.
وتشير بيانات المستشفى إلى أن مثل هذه الحالات تختلف جذريًا من حيث درجة التعقيد عن الجراحات التقليدية للأبهر، إذ تتطلب تنسيقًا عاليًا بين الفرق الجراحية والتشخيصية نظرًا لاقتراب الإصابة من مناطق حيوية في الصدر.
ويُعد نجاح التدخل الجراحي في هذا النوع من التمزقات نقطة تحول في التعامل مع التمددات الوعائية الفطرية، إذ يوفر خيارًا علاجيًا جديدًا للمرضى الذين قد لا يناسبهم استخدام الطعوم الصناعية بسبب العدوى أو حساسية الأنسجة.
ويعطي هذا الإنجاز دفعة إضافية للقطاع الصحي السعودي الذي يواصل صعوده على مستوى الكفاءات الجراحية، خصوصًا في المراكز المتقدمة مثل مستشفى الملك فيصل التخصصي الذي أصبح مرجعًا في العمليات المعقدة إقليميًا ودوليًا.
ويعكس هذا التطور زيادة الاعتماد على التقنيات الحيوية والمواد المتوافقة مع جسم الإنسان، وهي توجهات باتت تساهم في رفع نسب النجاح وتقليل المضاعفات ضمن مسارات العلاج الجراحي المتقدمة للأوعية الدموية.
ومن المتوقع أن يفتح هذا النجاح المجال أمام تطبيق أوسع لاستخدام الطعوم البيولوجية في الجراحات المرتبطة بالعدوى أو التمزقات الشديدة، خاصة وأن النتائج الأولية تشير إلى زيادة معدلات الاستقرار الوعائي على المدىين القريب والمتوسط.
ويأتي هذا الإنجاز في وقت يشهد فيه المستشفى حضورًا لافتًا على خارطة المؤسسات الصحية العالمية، حيث حافظ على تصنيفه كالأول في الشرق الأوسط وأفريقيا والمرتبة الخامسة عشرة عالميًا ضمن قائمة أفضل 250 مؤسسة رعاية صحية أكاديمية لعام 2025.
كما أدرج التخصصي في قوائم "نيوزويك" لأفضل المستشفيات العالمية والتخصصية والذكية للأعوام 2025 و2026، وهو ما يعكس حجم التطور الذي يعيشه المركز وقدرته على منافسة كبرى المؤسسات الصحية عالميًا.
ويُعد المستشفى كذلك العلامة التجارية الصحية الأعلى قيمة في المملكة والشرق الأوسط وفق تصنيف براند فاينانس لعام 2024، وهو مؤشر يدعم مكانته كمؤسسة طبية رائدة في تقديم الخدمات الصحية المتقدمة وتعزيز الابتكار الطبي.