تعتزم هيئة التأمين دفع قطاع التأمين السعودي نحو تحول نوعي في آلية التعامل مع مطالبات الأفراد، إذ كشفت عن مسودة تنظيمية جديدة تهدف إلى تقليص فترات المعالجة والدفع بشكل غير مسبوق، مما يعكس توجهًا أوسع نحو تسريع الخدمات ضمن مستهدفات التطوير المؤسسي في المملكة.
إقرأ ايضاً:"دوري أبطال آسيا" يشتعل قبل قمة النصر: هذا هو التحدي الصعب الذي سيواجهه الفريق لأول مرة بغياب هداف البطولة!حساب المواطن يحسم الجدل حول الدخل المانع .. هذه المعادلة تغيّر قيمة دعمك بالكامل
وقد أوضحت الهيئة أن التعديل المقترح على المادة 44 من اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني سيجبر الشركات على معالجة مطالبات الأفراد خلال خمسة أيام فقط من اكتمال المستندات، وهي مهلة تقل كثيرًا عن السقف الزمني المعمول به لسنوات طويلة.
وبالفعل تشير هذه الخطوة إلى رغبة جادة في مواجهة التباطؤ الذي عانى منه المستفيدون سابقًا، حيث كانت المدد القديمة تسمح للشركات بفترات تمتد حتى خمسة عشر يومًا قابلة للتمديد، الأمر الذي تسبب في تأخير تعويضات المتضررين لفترات أطول من المقبول.
وتسعى الهيئة من خلال هذا التغيير الحاد إلى تعزيز جودة الخدمة المقدمة، إذ يرى مراقبون أن تقليص المدد سيحفز الشركات على تطوير أنظمتها التقنية واعتماد حلول رقمية أكثر كفاءة، بما يسهم في رفع مستوى رضا العملاء.
وقد ألزمت الهيئة شركات التأمين بإيداع مبلغ التسوية في حسابات المستفيدين خلال يومين فقط من انتهاء فترة المعالجة، مما يعني تسريع وصول السيولة النقدية للمواطنين وتقليل الأثر المالي الناتج عن الحوادث أو الأضرار المفاجئة.
ويرى مختصون في القطاع أن المسار الجديد يقطع شوطًا كبيرًا في حماية حقوق المؤمن لهم، خصوصًا وأنه يفصل بين الجوانب الفنية المتعلقة بالمعالجة وبين إجراءات السداد، وهو ما كان يسبب لبسًا وتأخيرًا في الماضي.
وقد سمحت الهيئة بمرونة محدودة في التطبيق من خلال منح الشركات إمكانية تمديد فترة المعالجة إلى سبعة أيام كحد أقصى، بشرط تقديم مبررات واضحة وإشعار المراقب النظامي بذلك، مما يضمن عدم تحول الاستثناء إلى قاعدة.
ويمثل هذا التشدد في المدد محاولة لضبط سلوك بعض الشركات التي كانت تعتمد على التمديد كأداة لإطالة فترة الدفع، وهو ما يتعارض مع توجهات السوق نحو الشفافية والسرعة في حل النزاعات المالية.
ويرى خبراء أن هذا التغيير يأتي في إطار التحول الشامل الذي يشهده الاقتصاد السعودي، حيث تسعى الجهات التنظيمية إلى بناء بيئة أكثر عدالة ومنافسة بين مقدمي الخدمات، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية 2030 في جانب تحسين جودة الحياة.
وقد أبقت الهيئة على الإطار الزمني الخاص بمطالبات الشركات كما هو، حيث لا تزال المهلة القصوى لهذه الفئة تصل إلى خمسة وأربعين يومًا من استلام المستندات اللازمة، نظرًا لاختلاف طبيعة هذه المطالبات وتعقيداتها مقارنة بمطالبات الأفراد.
وتتضمن المسودة بندًا يمنح الهيئة صلاحية استثناء بعض المنتجات التأمينية من هذه المدد القصيرة عندما تتطلب طبيعتها ذلك، وهو ما يضمن الحفاظ على استقرار القطاع وعدم الضغط على منتجات قد يصعب إخضاعها للوتيرة السريعة.
وقد شددت الهيئة على ضرورة تعيين مقدر الخسائر خلال أسبوع واحد فقط من الإبلاغ عن الحادث، وذلك لتفادي أي تراخٍ في بدء عملية التقييم التي تعد الأساس في تقدير مبالغ التسوية لاحقًا.
ويرى مراقبون أن إلزام الشركات بإشعار المراقب النظامي عند تجاوز المدد المحددة سيعزز مبدأ الرقابة الفعالة، خصوصًا وأن تقديم مبررات واضحة سيحد من أي محاولات للتماطل أو التحايل.
وقد أكدت الهيئة أن الهدف الرئيس من المشروع هو حماية حقوق المؤمن لهم والمستفيدين، وذلك عبر إنهاء الممارسات التي كانت تؤخر وصول التعويضات إلى المتضررين، وتوفير بيئة أكثر عدالة في التعاملات المالية.
ويرى محللون أن الخطوة ستخلق منافسة جديدة بين شركات التأمين، إذ سيصبح عامل السرعة والكفاءة عنصرًا حاسمًا في تفضيل العملاء، وهو ما قد يدفع الشركات الأقل تطورًا إلى مراجعة بنيتها التشغيلية.
وقد اعتبرت الهيئة أن تسريع عمليات التسوية سينعكس بشكل مباشر على ثقة المستهلكين في قطاع التأمين، خصوصًا في ظل ارتفاع معدلات الاعتماد على المنتجات التأمينية خلال السنوات الأخيرة.
وبالفعل طرحت الهيئة هذه المسودة لاستطلاع آراء الخبراء والمهتمين والقطاع الخاص، في خطوة تشير إلى رغبة واضحة في إشراك مختلف الأطراف قبل اعتمادها بشكل نهائي.
وتتوقع جهات رقابية أن يسهم هذا المشروع في خلق بيئة تأمينية أكثر انضباطًا، حيث ستجبر الإجراءات الصارمة الشركات على تحسين أداء فرقها الفنية والإدارية، مما يرفع من مستوى الخدمة الإجمالي.
وقد ينتج عن هذه التطورات تحول جذري في علاقة العملاء بشركات التأمين، إذ سيعزز التنظيم الجديد إحساس المستفيدين بالثقة والطمأنينة، ويحد من الشكاوى المتكررة المتعلقة بالتأخير في دفع المستحقات.