تبدأ مبادرة مجلس الضمان الصحي بصياغة رؤية رقابية جديدة تهدف إلى رفع كفاءة المنشآت الصحية في المملكة، إذ يسعى المجلس إلى تحويل مفهوم الاعتماد من مجرد إجراء روتيني إلى منظومة تقييمية دقيقة تواكب التحولات التي يشهدها القطاع الصحي ضمن مستهدفات رؤية 2030.
إقرأ ايضاً:نادي الهلال يفجرها.. مفاجأة غير متوقعة تطيح بـ"مدافع أوروبي شهير" من إنتر ميلان إلى الرياض!المنتخب السعودي يكشف كواليس الـ 8 أهداف لعبيد الدوسري.. لعنة هجومية أخفت نجوم الأخضر لسنوات طويلة
ويعكس هذا التوجه رغبة واضحة في تعزيز جودة الرعاية المقدمة للمستفيدين، حيث يعتمد المجلس على مسار زمني مدروس يبدأ قبل أشهر من موعد تجديد اعتماد أي منشأة، الأمر الذي يخلق مساحة زمنية كافية لتطبيق الإصلاحات وقياس أثرها بشكل عملي.
وقد أكد المجلس أن هذه الآلية الجديدة تأتي في إطار سعيه لرفع مستوى الشفافية، إذ تعتمد على تقييم شامل يتجاوز النماذج الورقية التقليدية، ويشمل متابعة ميدانية مباشرة تعطي مؤشرات أكثر دقة حول الأداء الفعلي للمنشآت الصحية.
وبالفعل وضع المجلس حجر الأساس لهذه الرحلة عبر إلزام المنشآت بتعيين ما أطلق عليه اسم سفير ضمان، وهو المسؤول التنفيذي الأعلى في الجهة الصحية، الذي يتولى قيادة عمليات التقييم الذاتي وتوثيق مستوى الامتثال للأنظمة ومتطلبات الجودة.
ويعكس هذا الإجراء رغبة المجلس في تعزيز ثقافة تحمل المسؤولية داخل المنشآت، إذ يرى أن وجود شخصية قيادية تتولى مسؤولية الملفات الرقابية يسهم في تسريع عمليات التطوير ويمنح القرارات قوة تنفيذية أعلى.
وقد أوضح المجلس أن الشهر الأول من الرحلة يشهد تركيزًا كبيرًا على الجوانب المكتبية، حيث تقدم المنشآت بيانات تفصيلية حول سياساتها التشغيلية، بما في ذلك آليات المتابعة والتعامل مع الحالات العلاجية، وهو ما يمهّد للمرحلة اللاحقة.
وتنتقل الرحلة في شهرها الثاني إلى الميدان، حيث ينفذ مقيمو المجلس زيارات تفتيشية وفق منهجيات علمية، ويجري خلالها التحقق من التزام المنشآت بالمعايير المعتمدة، إضافة إلى رصد أي ملاحظات تستدعي التدخل الفوري.
ويؤكد المجلس أن هذه الزيارات الميدانية تمثل جوهر عملية التقييم، لأنها تكشف الفجوة بين السياسات المكتوبة والممارسات الواقعية، كما تقدم صورة حقيقية عن جودة الخدمات المقدمة للمريض داخل الأقسام الطبية المختلفة.
وقد شدد المجلس على أن جميع الملاحظات التي يتم رصدها خلال هذه الزيارات توثق في تقارير تفصيلية، تتضمن توصيات واضحة لمعالجة أوجه القصور، مما يساعد المنشآت على اتخاذ خطوات عملية لتصحيح مسارها قبل الوصول إلى مرحلة التصنيف.
ويبدأ الشهر الثالث بمرحلة تحليل شاملة للنتائج، حيث يستخدم المجلس أدوات قياس كمية ونوعية لتقييم أداء المنشأة، ثم يصدر تصنيفه النهائي الذي يحدد مستوى الامتثال ومستوى الاستعداد لتجديد الاعتماد الرسمي.
وبحسب المجلس فإن هذا التصنيف لا يعد مجرد تقييم نهائي، بل يمثل أيضًا نقطة انطلاق لمرحلة تصحيحية ملزمة، إذ تُطلب من المنشآت تنفيذ جملة من الإجراءات العلاجية التي يجب إنجازها قبل إصدار القرار النهائي بشأن الاعتماد.
وقد ربط المجلس نجاح هذه المنهجية بمدى التفاعل الجاد من سفير ضمان، الذي يتحمل مسؤولية رفع الوثائق التي تثبت إغلاق الملاحظات، الأمر الذي يعزز ثقافة التحسين المستمر داخل المنشآت الصحية.
ويرى مراقبون أن هذه الآلية الجديدة تعيد تشكيل العلاقة بين المجلس والمنشآت، إذ تتحول من علاقة رقابية تقليدية إلى شراكة تطويرية تسعى لخلق بيئة صحية أكثر موثوقية وجودة.
وبالفعل بدأ كثير من المستشفيات في إعادة هيكلة أنظمتها الداخلية لتتوافق مع متطلبات البرنامج، خصوصًا تلك المتعلقة بجودة المخرجات الطبية، وسلامة المرضى، وفعالية الإجراءات العلاجية اليومية.
ويؤكد متخصصون أن هذا النوع من الحوكمة الدقيقة يرفع مستوى التنافسية بين المنشآت، لأنه يخلق معايير واضحة تحدد الفارق بين المؤسسات المتميزة وتلك التي تحتاج إلى تطوير، مما يحسن تجربة المستفيدين بشكل مباشر.
كما يشير آخرون إلى أن البرنامج يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الثقة في النظام الصحي السعودي، لأنه يضمن مراقبة مستمرة لجودة الخدمات وليس فقط التدقيق عند الطلب أو خلال فترات متباعدة.
وقد شدد المجلس على أن الهدف الأساسي لهذه المنظومة هو حماية المستفيد، وضمان حصوله على خدمات صحية تضاهي المعايير العالمية، وتوفر له تجربة علاجية متكاملة تقوم على الكفاءة والشفافية.
ويرتبط هذا التوجه ارتباطًا وثيقًا بمساعي المملكة لتطوير قطاعها الصحي ضمن رؤية 2030، التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتعزيز كفاءة الأنظمة الطبية عبر نماذج عمل مستدامة.
وتختتم الرحلة التقييمية بمنح المنشأة شهادة الاعتماد بناءً على جدارتها الفعلية، مما يجعل الاعتماد شهادة استحقاق حقيقية تقوم على الأداء، وليس مجرد إجراء إداري يتم تجديده بشكل روتيني.