تشهد المملكة حالة جوية متقلبة هذا الأسبوع، إذ أصدر المركز الوطني للأرصاد سلسلة من التنبيهات الواسعة التي شملت ست مناطق مختلفة، وقد جاءت هذه التحذيرات في إطار متابعة المركز للتغيرات السريعة التي تؤثر على الرؤية الأفقية وحركة الرياح عبر امتداد المناطق الجنوبية والغربية والشرقية.
إقرأ ايضاً:"طيران الرياض" تكشف عن السر التقني خلف تجربة السفر المستقبلية.. شراكة عملاقة مع IBM لإطلاق أول هاكاثون أندرويد عالمي"نتاج" تطلق "مفاجأة 2025" في التحول الصناعي.. اكتمال تأسيس 22 جمعية تسيطر على مستقبل الصناعة والتعدين السعودية!
وقد لفت المركز إلى أن الساعات الأولى من فجر الأربعاء حملت مؤشرات أولية على تشكل ضباب يمتد على مساحات واسعة، إذ بدأت ملامح الحالة تظهر في أجواء جازان وما حولها، وهو ما دفع الجهات المختصة إلى رفع مستوى المتابعة استعدادًا لأي تأثيرات على الطرق والملاحة البرية.
وفي منطقة جازان، أوضح المركز أن تنبيه اللون الأصفر يعكس حالة من الضباب الخفيف التي يتوقع أن تتزايد كثافتها في بعض المواقع، وبالأخص في محافظات جازان وفرسان والدرب وبيش، حيث تتراوح الرؤية الأفقية ما بين ثلاثة إلى خمسة كيلومترات.
وبالفعل تشير بيانات الرصد المبكر إلى أن فترة الضباب تمتد منذ الساعة الواحدة فجرًا وحتى الثامنة صباحًا، ويرى خبراء الأرصاد أن هذا النمط يتكرر في مثل هذا التوقيت من العام، إذ تتفاعل رطوبة السواحل مع البرودة الليلية لتشكل طبقات ضبابية متوسطة الكثافة.
أما في منطقة المدينة المنورة فقد شمل التنبيه محافظتي المهد ووادي الفرع، وقد أوضح المركز أن الضباب المتوقع هناك يتسم بخفة نسبيًا إلا أنه مؤثر على حركة المركبات، بينما يرى مختصون أن طبيعة التضاريس في هذه المناطق تسهم في احتجاز الضباب لفترات أطول.
وفي السياق نفسه جاءت منطقة مكة المكرمة في واجهة التنبيهات من حيث التنوع الجوي، إذ تداخلت فيها موجات الضباب الخفيف والكثيف مع فرص الأمطار وتفاوت شدة الرياح، وهو ما جعل التعامل مع الحالة يتطلب تنسيقًا أعلى بين الجهات المعنية لضمان انسيابية الحركة.
وقد شملت التحذيرات العاصمة المقدسة والطائف والجموم وبحرة والليث والقنفذة والمويه، ويرى مراقبون أن هذا الاتساع في رقعة التحذيرات يعكس تغيرًا ملحوظًا في ديناميكية الحالة الجوية، خاصة مع توقعات الصواعق الرعدية المتفرقة.
وفي الطائف تحديدًا أصدر المركز تنبيهًا برتقاليًا نظرًا لاحتمال شبه انعدام الرؤية نتيجة كثافة الضباب، وقد أكد خبراء السلامة أن هذا النوع من التنبيهات يتطلب التزامًا أكبر من قائدي المركبات، خصوصًا في الطرق الجبلية التي تتأثر سريعًا بالضباب الكثيف.
وبالتزامن مع ذلك، شهدت المنطقة الشرقية بدورها تنبيهات واسعة شملت الجبيل والخبر والدمام والظهران والقطيف ورأس تنورة والأحساء وبقيق والعديد والنعيرية، وقد أوضح المركز أن الظاهرة الأكثر تأثيرًا هناك هي الضباب الكثيف الممتد على مساحات واسعة.
وقد بدأت الحالة في الشرقية مع حلول الساعة الواحدة فجرًا واستمرت حتى الثامنة صباحًا، بينما يرى مختصون أن امتداد السواحل الطويل بالمنطقة يسهم في زيادة فرص تشكل الضباب نتيجة التباين الحراري بين البحر واليابسة.
وفي بعض أجزاء الشرقية مثل النعيرية، رُفعت درجة التنبيه إلى اللون البرتقالي بسبب توقع شبه انعدام الرؤية، وقد نبهت الجهات المختصة إلى أهمية تجنب السفر في خطوط المناطق المفتوحة خلال ساعات الفجر الأولى.
أما في جنوب غرب المملكة فقد تأثرت منطقة عسير بمزيج من الأمطار الخفيفة والرياح النشطة والصواعق الرعدية، وهو ما جعل المشهد الجوي أكثر تعقيدًا خاصة في المدن الواقعة على المرتفعات مثل أبها وأحد رفيدة وخميس مشيط.
وقد أشار المركز إلى أن الهطولات المتوقعة تمتد من الثانية ظهرًا حتى السابعة مساءً، ويرى خبراء الطقس أن هذا التوقيت يتزامن غالبًا مع نشاط التيارات الصاعدة فوق جبال السروات مما يزيد فرص تشكل السحب الركامية.
كما شملت تنبيهات الأمطار محافظات رجال ألمع ومحايل والنماص وبلقرن وتنومة والمجاردة وبارق، وبالفعل أظهرت الصور الجوية مؤشرات متزايدة لامتداد السحب الممطرة على تلك المحافظات مع تسجيل نشاط ملحوظ في حركة الرياح.
وفي الوقت نفسه أصدر المركز تنبيهًا إضافيًا بتشكل ضباب خفيف خلال ساعات الفجر في محافظتي البرك والقحمة، ويرى المختصون أن تأثير الضباب هناك يرتبط بقربهما من الشريط الساحلي ما يجعل الرطوبة عاملاً رئيسيًا في تشكل الضباب المبكر.
ويشير خبراء الأرصاد إلى أن التباين الجوي الملحوظ بين المناطق يعكس طبيعة الموسم الانتقالي الذي تمر به المملكة، وقد أكدوا أن مثل هذه الحالات تمثل جزءًا من الأنماط المناخية الطبيعية لكنها تحتاج مراقبة دقيقة لتجنب آثارها على السلامة العامة.
ويرى مراقبون أن اتساع رقعة التنبيهات يعيد التأكيد على ضرورة تطوير أنظمة الإنذار المبكر وربطها بالبنية التحتية الذكية، خاصة في ظل التحول الرقمي الذي تشهده المملكة ضمن مستهدفات رؤية 2030 التي تولي سلامة المجتمع أولوية كبرى.
وقد دعت الجهات المختصة السكان إلى متابعة تحديثات الأرصاد بشكل مستمر، إذ تعتمد شدة الحالة وتطورها على سرعة حركة الرياح وتغير معدلات الرطوبة، وهي عوامل قد تتبدل خلال ساعات قصيرة مما يستدعي الاستجابة السريعة.
ويؤكد مسؤولون في قطاع السلامة المرورية أن الضباب الكثيف يمثل أحد أخطر الظواهر الجوية على المسافرين، وقد نصحوا باستخدام الإنارة المنخفضة وخفض السرعة وتجنب التوقف المفاجئ لتقليل احتمالات الحوادث في الطرق المتأثرة.
وبالفعل يرى مختصون أن أعلى نسب الخطر ترتبط بالطرق السريعة المفتوحة التي تتأثر بشكل مباشر بانخفاض الرؤية، بينما تتطلب المسارات الجبلية في الجنوب الغربي إجراءات مضاعفة نظرًا لكثافة الضباب وتعرج الطرق وارتفاعها النسبي.
ويتابع المركز الوطني للأرصاد الحالة بشكل لحظي عبر الأقمار الصناعية ومحطات الرصد الأرضية، وقد أكد أنه سيصدر تحديثات فورية عند حدوث أي تطور، داعيًا الأهالي إلى اتباع الإرشادات الرسمية وتجنب نشر المعلومات غير الموثوقة.
ويبدو واضحًا أن المشهد الجوي خلال الأربع والعشرين ساعة المقبلة سيظل مرشحًا لمزيد من التحولات، بينما يرى خبراء المناخ أن هذه التغيرات تأتي ضمن دورة موسمية تتكرر سنويًا لكنها تحمل هذا العام قدرًا أكبر من التباين في شدتها وانتشارها.