أطلقت الهيئة الملكية لمحافظة العلا مبادرة جديدة تعكس التزامها المتصاعد بحماية البيئة واستعادة التوازن الطبيعي، حيث أعلنت بالتعاون مع المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية عن إطلاق 37 كائناً فطرياً في موقع الحجر الطبيعي بالعلا ضمن برنامج بيئي متكامل يهدف إلى تعزيز التنوع الحيوي في المنطقة.
إقرأ ايضاً:الأرصاد تطلق تحذيرًا واسع النطاق .. هذا ما سيحدث بهذه المناطق خلال الساعات القادمةالدفاع المدني تطلق تحذيراً لآلاف الأسر .. خطأ منزلي يتحول إلى كارثة
ويأتي موقع الحجر باعتباره أول موقع سعودي مسجل في قائمة التراث العالمي لليونسكو ليشكل بيئة مثالية لهذه المبادرة، نظراً لما يتمتع به من قيمة تاريخية وطبيعية بارزة جعلته من أهم الوجهات الثقافية والطبيعية في المنطقة.
ويتميز الموقع بثرائه الجغرافي وتنوع بيئاته التي تجعل منه محطة مهمة لبرامج إعادة التوطين، حيث توفر تضاريسه ومكوناته الطبيعية المناخ الملائم لتعايش الأنواع الفطرية التي جرى إطلاقها بما يضمن أعلى نسبة نجاح للمبادرة البيئية.
وشملت الكائنات التي أعيد إطلاقها غزال الريم والوعل النوبي والنعام وهي أنواع ارتبط وجودها تاريخياً ببيئة العلا الطبيعية، ما يجعل إعادة توطينها خطوة تعيد إحياء التناغم البيئي الذي تميزت به المنطقة عبر قرون طويلة.
وتندرج هذه الخطوة ضمن مراحل متعددة من برامج إعادة التوطين التي تعمل الهيئة الملكية على تطويرها، حيث يشمل البرنامج استعادة الأنظمة البيئية المتوازنة وتعزيز استقرارها الحيوي عبر إعادة إدخال الأنواع التي كانت جزءاً أساسياً من مكوناتها الطبيعية.
وتتم عملية إعادة التوطين وفق خطط علمية دقيقة تراعي طبيعة كل نوع وظروفه البيئية، وذلك بهدف الوصول إلى منظومة بيئية متكاملة تتفاعل فيها الكائنات بطريقة تدعم استمرارية الحياة البرية في المنطقة على المدى الطويل.
وتعكس هذه الخطوة التنسيق الوثيق بين الهيئة الملكية والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، إذ تتشارك الجهتان في تنفيذ برامج الحفاظ على الأنواع المهددة وتطوير المبادرات التي تعزز حضورها في البيئات الصحراوية المحلية.
كما تهدف هذه المبادرة إلى دعم المشهد البيئي في العلا الذي يشكل أحد عناصر الجذب السياحي، حيث تسعى الهيئة الملكية إلى دمج الطبيعة بالتراث في إطار رؤية متكاملة ترتكز على الاستدامة والاحترام العميق للموارد الطبيعية.
وتسهم هذه البرامج في تعزيز التنوع البيولوجي الذي يعد أحد المقومات الرئيسة للبيئات الصحية، كما تُعيد التوازن للعلاقات الطبيعية داخل المنظومة البيئية مما يسهم في رفع كفاءة الأنظمة البيئية المحلية.
وتنعكس أهمية هذه الخطط على المشهد السياحي في العلا الذي يعتمد بشكل كبير على التجارب البيئية الغنية، حيث توفر عودة الكائنات الفطرية مشاهد طبيعية متكاملة تضيف قيمة نوعية للزائر وتثري تجربته.
كما تتيح هذه المبادرات الفرصة لرفع الوعي البيئي لدى الزوار والسكان، من خلال إبراز أهمية الحفاظ على الأنواع الفطرية ودورها الحيوي في استدامة البيئة وتنوعها الطبيعي على المدى البعيد.
وتُعد هذه الجهود امتداداً لخطة شاملة تتبناها الهيئة الملكية للعلا بهدف إعادة تأهيل الحياة الطبيعية بما يشمل تحسين الموائل الطبيعية وتطبيق إجراءات مراقبة بيئية تضمن استمرار نجاح برامج إعادة التوطين.
وتستند هذه الخطة إلى رؤية بيئية متكاملة تعتمد على نتائج الدراسات العلمية المتخصصة، وتضع في اعتبارها التغيرات المناخية واحتياجات الأنواع التي يتم إطلاقها بما يعزز فرص استقرارها وازدهارها في موائلها الأصلية.
وتولي الهيئة الملكية أهمية كبيرة لدمج السياحة البيئية بالتراث التاريخي للعلا، معتبرة أن هذا الدمج يشكل مزيجاً فريداً يميز المنطقة ويجعلها نموذجاً عالمياً في التكامل بين حماية الطبيعة وتطوير السياحة.
وتسهم المبادرة في تعزيز صورة العلا كوجهة رائدة قادرة على الجمع بين الحياة البرية والمواقع الأثرية، بما يقدم نموذجاً متفرداً للتنمية المستدامة التي تحافظ على الهوية الطبيعية والثقافية في آن واحد.
كما يعكس إطلاق هذه الكائنات الالتزام المستمر بتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تؤكد على دور حماية البيئة وتطوير المواقع الطبيعية كجزء من مسار التنمية الوطنية المتوازن.
وتسعى هذه الجهود إلى بناء منظومة بيئية مستدامة تعود بالنفع على الأجيال القادمة، حيث يعزز وجود الكائنات الفطرية القدرة الطبيعية للبيئة على التجدد والتكيف مع المتغيرات البيئية.
وبهذا التوجه تواصل الهيئة الملكية للعلا ترسيخ مكانة المحافظة كوجهة عالمية تجمع بين التراث الطبيعي والإنساني، وتقدم نموذجاً للتنمية البيئية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
ويؤكد إطلاق الكائنات الفطرية أن العلا ماضية في تنفيذ مشاريع تحافظ على الإرث البيئي للمنطقة، وتعمل على إعادة الحياة لبيئاتها التاريخية بطريقة مدروسة تدعم استمرارية الطبيعة وتنوعها المتجدد.