أصدر المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية خطوة نوعية تعكس تحولًا لافتًا في إدارة السياحة البيئية البحرية، بعدما منح أول ترخيص من نوعه لتجربة تفاعلية داخل محمية رأس حاطبة، في مسار جديد يجمع بين الجذب السياحي وحماية النظم الطبيعية.
إقرأ ايضاً:الوطني للأرصاد يطلق تحذيراً عاجلاً .. موجة غير مسبوقة تضرب هذه المناطق خلال ساعاتطيران ناس يفجّر مفاجأة لعشّاق السفر .. وجهة تركية تعود إلى الخريطة بعد غياب طويل
وقد جاء الترخيص بالتعاون مع الاتحاد السعودي للرياضات البحرية والغوص، ليؤسس لإطار منظم يربط الخبرة الرياضية بالمسؤولية البيئية، ويضع معايير واضحة لممارسة أنشطة بحرية عالية الحساسية ضمن نطاق محميات مصنفة حديثًا.
ويستهدف هذا التوجه تمكين الزوار والمهتمين من الاقتراب الآمن من الكائنات البحرية، دون الإخلال بسلوكها الطبيعي أو إحداث ضغط على موائلها، بما يعزز مفهوم السياحة البيئية بوصفها أداة توعوية وتنموية في آن واحد.
وبالفعل تم اختيار أحد مراكز الغوص المعتمدة لتنفيذ التجربة، في دلالة على حرص الجهات المنظمة على الالتزام بالاعتماد الفني والخبرة الميدانية، وتفادي أي ممارسات عشوائية قد تسيء للبيئة البحرية الحساسة.
وتتمحور التجربة حول مشاهدة أسماك القرش في بيئتها الطبيعية باستخدام أقفاص مخصصة، وهو نموذج عالمي مطبق في وجهات محددة، لكنه يخضع في السياق المحلي لضوابط إضافية تتماشى مع الأنظمة الوطنية.
ويرى مختصون أن إدخال هذا النوع من الأنشطة يمثل نقلة في نظرة المجتمع إلى أسماك القرش، باعتبارها عنصرًا بيئيًا أساسيًا يسهم في توازن السلاسل الغذائية البحرية وليس مجرد كائن خطير.
وقد شدد المركز على أن الهدف لا يقتصر على الترفيه، بل يمتد إلى تعزيز الوعي العام بقيمة التنوع الأحيائي، وربط التجربة السياحية برسالة تعليمية تحفز احترام الكائنات البحرية وحمايتها.
ويأتي ذلك في وقت تتوسع فيه المملكة في إعلان محميات بحرية جديدة، ضمن استراتيجية أشمل لإدارة الموارد الطبيعية، بما يضمن استدامتها للأجيال المقبلة ويعزز مكانة المملكة في حماية البيئة.
وبالفعل تم ربط تفعيل الأنشطة السياحية في محمية رأس حاطبة ببرامج رقابة وإشراف فني مباشر، لضمان الالتزام بأفضل الممارسات العلمية المعتمدة عالميًا في مثل هذه التجارب الدقيقة.
وقد أوضح المركز أن جميع الأنشطة ستخضع لتقييم أثر بيئي مستمر، بما يسمح بالتدخل الفوري عند رصد أي مؤشرات سلبية على الكائنات أو الموائل، وهو عنصر حاسم في نجاح النموذج.
ويرتبط هذا التوجه بشكل مباشر بمستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تضع الاقتصاد الأزرق والسياحة البيئية ضمن محركات التنويع الاقتصادي، مع الحفاظ على رأس المال الطبيعي الوطني.
ويعكس الترخيص الجديد سعي الجهات المعنية إلى تحويل المحميات من مناطق مغلقة إلى منصات تعليمية وسياحية منظمة، توازن بين الإتاحة المدروسة والحماية الصارمة للبيئة.
وقد أسهم التعاون مع الاتحاد السعودي للرياضات البحرية والغوص في توفير مظلة تنظيمية تضمن تأهيل الكوادر العاملة، وتطبيق أعلى معايير السلامة للزوار والعاملين على حد سواء.
ويرى مراقبون أن التجربة ستخضع لاختبارات ميدانية دقيقة قبل التوسع فيها، بهدف قياس تفاعل الزوار وتأثير النشاط على البيئة، وبناء قرارات مستقبلية قائمة على البيانات.
ويأتي هذا التطور في ظل اهتمام عالمي متزايد بالسياحة المسؤولة، حيث تبحث الدول عن نماذج تحقق عوائد اقتصادية دون استنزاف الموارد، وهو ما تسعى المملكة لترسيخه محليًا.
وقد أكد المركز أن حماية الحياة البحرية ستظل أولوية لا تقبل المساومة، وأن أي نشاط سياحي لن يسمح له بالاستمرار ما لم يثبت التزامه الكامل بالمعايير البيئية.
ويرتقب أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز حضور المملكة على خارطة السياحة البيئية العالمية، عبر تقديم تجارب فريدة داخل مواقع طبيعية محمية تدار وفق أفضل الممارسات.
وفي المحصلة تمثل هذه المبادرة اختبارًا عمليًا لقدرة السياحة البيئية على الجمع بين الجرأة والتنظيم، وفتح آفاق جديدة للاستثمار المسؤول في البيئة البحرية السعودية.